فوقف معاوية زعيم الفئة الباغية من على، موقف أبى سفيان من النبي، وجاء يزيد فوقف من الحسين موقف جده من النبي وموقف أبيه من على رضي الله عنه ، وصدق قول الشاعر الذي سقناه لك من قبل وقد كان أول عمل لمعاوية بعد أن استولى على الحكم أن كتب إلى عماله في جميع الآفاق بأن يلعنوا عليا في صلواتهم وعلى منابرهم (1) ولم يقف الامر عند ذلك بل كانت مجالس الوعاظ في الشام تختم بشتم على (ص 407 ج 3 ابن عساكر) وأن لا يجيزوا لاحد من شيعته وأهل بيته شهادة وأن يمحوا من الديوان كل من يظهر حبه لعلى وأولاده وأن يسقطوا عطاءهم ورزقهم.
هذه فذلكة وجيزة بينا فيها كيف نشأت دولة بنى أمية، والذي بعثنا عليها أنها (أولا) تكشف عن سياسة هذه الدولة التي قلبت نظام الحكم من خلافة عادلة أساسها الشورى إلى ملك عضوض يقوم على الاستبداد. وفى عهدها تحول تيار التاريخ الاسلامي عن مجراه المستقيم وانحرف هاهنا وهاهنا، يسير على غير هدى (2) (وثانيا) لولا قيامها على ما قامت عليه، ما كان أبو هريرة الذي نؤرخ له، ولا كانت أحاديثه التي شرقت بها الكتب، ولبقي مطمورا لا يعرفه أحد، ولا يعنى به إنسان! فهي التي رفعته من الضعة والخمول، وخلعت عليه رداء الشهرة والظهور، وكان له بفضلها ذكر في التاريخ الاسلامي عند كثير من الناس أي ذكر.