أبان لأبي هريرة، أن قال له: واعجبا لوبر (1) تدلى علينا من قدوم ضأن (2)، وفى رواية: يا وبر تحدر من رأس ضال، فقال النبي: يا أبان، اجلس، ولم يقسم له، وتلقى أبو هريرة هذه الإهانة فقبع، ولم يجد له جوابا يرد به على أبان.
وقد علق الخطابي على قول أبان هذا فقال: أراد أبان تحقير أبي هريرة،.
وأنه ليس في قدر من يشير بعطاء، ولا منع، لأنه قليل القدرة على القتال.
وعن أبي الحسن القابسي: أن معناه أنه ملصق في قريش، وشبهه بما يعلق بوبر الشاة من الشوك وغيره.
ولو كان لأبي هريرة نفس يعرف قدرها، أو كرامة يحافظ عليها، لأبي أن تمتد يده إلى ما ليس من حقه، أو يرنو بعينيه إلى مغانم حرب لم يشهدها، ولما تعرض لهذا الازدراء والتحقير - وبخاصة - وهو في أول يوم يلقى النبي وأصحابه فيه.
ومن العجيب أنه كان حينئذ بين بضع وخمسين من الأشعريين ومنهم أبو موسى الأشعري، وقد أسلم معهم عمران بن حصين الخزاعي وأبوه سبيد ابن خلف والطفيل بن عمرو (3) ولكن لم يبد من أحد منهم جميعا مثل ما بدا من أبي هريرة بل ظلوا قانعين حتى أعطاهم النبي من مغانم خيبر من غير أسهم المحاربين.