شيخ المضيرة أبو هريرة - محمود أبو رية - الصفحة ٥٠
سكنه في الصفة أما المثابة التي لجأ إليها أبو هريرة، ورضى بها مقاما له فهي (الصفة) (1) وقد نص أبو نعيم في حلية الأولياء (2) على أن أبا هريرة كان أشهر من سكن الصفة ولم ينتقل عنها - إلا عندما أقصى من المدينة كما ستعرف ذلك.
ومن قول أبي هريرة: كنت من أهل الصفة، وكنا إذا أمسينا حضرنا رسول الله، فيأمر كل رجل فينصرف برجل أو أكثر (3).
وقال (4): رأيت سبعين من أصحاب الصفة، وما منهم رجل عليه رداء، وإنما عليه إما إزار وإما كساء ربطوه في أعناقهم، فمنها ما يبلغ نصف الساقين، ومنها ما يبلغ الكعبين فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورته.
وقال واثلة بن الأسقع (5): كنت من أصحاب الصفة، وما منا إنسان يجد ثوبا تاما، قد جعل الغبار والعرق في جلودنا طرقا.
حياة أبي هريرة في الصفة أما حياته في الصفة، فندع له هو وصفها بلسانه، ولا نزيد شيئا من عندنا عليها حتى لا نرمي بالطعن فيه أو بالتحامل عليه.
قال رحمه الله فيما أخرجه ابن نعيم في الحلية (6):

(١) الصفة موقع مظلل في مؤخرة مسجد النبي بالمدينة من الجهة الشمالية، وأهلها الذين يتخذونها سكنا لهم هم - كما قال أبو الفداء في تاريخه المختصر -: أناس فقراء لا منازل لهم ولا عشائر ينامون على عهد رسول الله في المسجد ويظلون فيه - وكانت صفة المسجد مثواهم، فنسبوا إليها - وكان إذا تعشى رسول الله يدعو طائفة منهم يتعشون معه أو يفرق طائفة منهم على الصحابة ليعشوهم، وكانوا يكثرون فيها ويقلون بسبب من يتزوج منهم أو يسافر أو يعمل في الأرض - اللهم إلا أبو هريرة فقد ظل فيها لا يبرحها إلى أن انتقل منها إلى البحرين كما سنبينه لك.
(٢) ص ٣٧٦ ج ٢ من فتح الباري.
(٣) ص ٢٣٨ ج ١١ البخاري.
(٤) ص ٤١٦ من نفس المصدر.
(٥) ص ١٧٢ ج ١ من أنساب الأشراف.
(٦) ص ٣٧٨ ج 1.
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست