هذا (الصحابي الجليل راوية الاسلام) قد صرح بسماع هذا الحديث من النبي! بل بالغ فقال: إن النبي قد أخذ بيده وهو يحدثه به!!
وإذا كان مثل هذا الحديث الذي صرح (بسماعه) من النبي صلى الله عليه وآله قد ثبت أنه قد كذب فيه، وأنه تلقاه عن أكبر أحبار اليهود في زمنه كما قضى بذلك كبار رجال الجرح والتعديل - فترى ماذا يكون الامر في الأحاديث التي تلقاها عنعنة من غير النبي صلى الله عليه وآله وهي تعد بالألوف.
ولعل مولانا الشيخ يسمح لي بأن أسأله - وأرجو أن لا يغضب - ذلك أن يتفضل فيحل المشكل المعقد في هذا الحديث وينتشل راوية الاسلام من الهوة التي تردى فيها! لان هذا الاشكال سيظل يسم أبا هريرة بميسم الكذب على رسول الله إلى يوم القيامة!
ومما قرأناه في هذا التقريظ أن الشيخ يرمى كل من يمس أبا هريرة بأنه (يطعن في السنة) - وهذا منطق عجيب استغربنا كيف بمصدر من مثله، لان معنى ذلك أن السنة القولية كلها - وكل من حملوها عن النبي صلى الله عليه وآله وعملوا بها ونشروها من كبار الصحابة وفضلائهم رضوان الله عليهم لا يعدلون كلهم (أبا هريرة) وأنه وحده هو راويها، حتى إذا ناله نقد فإن هذا النقد يصيب السنة كلها! وهذا القول لا يقره عليه عالم، ذلك بأن السنة المحمدية قائمة ثابتة لا يضرها أن ينقص من رواتها أبو هريرة ولا غير أبي هريرة - وإذا لم يخلق أبو هريرة فإنه لا ينقصها شئ، على أن هذا القول الذي ذكره الشيخ لا يستقيم ولا يكون له معنى إلا إذا جاء الخبر المتواتر بأن النبي قد قال (خذوا سنتي عن أبي هريرة).
وإذا كنت قد جئت في هذه العجالة ببعض ما يلاحظ على تقريظ الشيخ ومسسته بالنقد مسا رقيقا رعاية لمكانته بين تلاميذه وإيثارا للايجاز، فإنه لا يسعني إلا أن أعترف بأني قد أفدت من هذا التقريظ فائدة عظيمة لم يظفر الناس بمثلها من قبل! ولعل هذه الفائدة هي التي ساقتني اليوم إلى كتابة هذه الكلمة، بعد أن آليت على نفسي أن لا أرد على أحد من الذين