الدين متقبلين سيول الشتائم بمستقبح الألفاظ، راضين لأنفسهم عار شماتة الأعداء ممن حجبت عنهم سحب أوهامهم وأخيلتهم شمس الحق المشرقة عليهم.
وعلى هذا الأساس، ولأجل هذا الهدف، اقتحم المؤلف الفاضل هذا الميدان ليمحص الحق المحض بمستمسكات رصينة، واستدلالات متينة، ليمزق الستر عن وجه حقيقة هامة فيما يتصل بأبي هريرة وأحاديثه، ذلك الذي ظل طوال القرون والعصور الاسلامية الماضية مغطى بغطاء من العقائد البالية تحكي قدسيته.
حقا نهض المؤلف ليدافع بهذا الكتاب عن الحرم المقدس للدين الاسلامي، وعن شخصية عظيم الشأن رسول الله الأكرم صلى الله عليه وآله إذ لم يكن الحديث النبوي إلا الرابطة المباشرة بين الرسول وحيثيته ودينه.
ونحن لنحمد للمؤلف هذا العمل البار في جهاده الديني، وصيانته لقدسية سيد المرسلين، وتبيانه الحقيقة لكل من أخذوا على أنفسهم حمل مثل هذه الرسالة الخطيرة، وإشارته إلى أن خير المسلمين وصلاح أمرهم لا يمكن أن يكون إلا بجهاد الأعداء المتربصين في مثل عالمنا المتكالب بعد تجهيز المجاهدين بأسلحة العلم والمنطق والعقل، وبأسلوب البحث والتحقيق والتتبع، لحماية تلك الفرق والمجموعات التي تتهاوى زمرا متتالية لتسقط في غياهب انحراف العقيدة بسبب الخداع والتهويش الماكر الذي تعرضت له أمدا طويلا، إذ لا ينحصر الجهاد في الانشغال فقط بتلك الفئة من الناس التي اختارت العزلة وآثرت العافية ونأت عن الأعداء الماكرين والتزمت الصمت ولم تعد تهتم بالتحولات والثورات الفكرية في عالمنا المعاصر، ولم تتأثر بما جد فيه، وبقيت كما كانت وستبقى كذلك.
وخلاصة القول أن المؤلف المحترم قد أظهر في هذا الكتاب ما كانت عليه شخصية أبي هريرة، مما يجب أن توصف به فعلا، وبين استهتاره في نقل الحديث، وإفراطه في كثرة المرويات عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، وانتهى المؤلف إلى إثبات الهدف المعين الذي قام من أجله أبو هريرة بانتحال بعض الأحاديث ونقلها، لأغراض خاصة، كما أشار من طرف خفى إلى ما يجب على كل مسلم تلقاء أعداء الدين الأذكياء من الأجانب، وكيف أنهم يحتالون لافساد الأخلاق وتحريف الأفكار وزلزلة العقائد، لسلب القدرة المعنوية والمادية من المسلمين لكي