في السماء! وإن ما تحله على الأرض يكون محلولا في السماء! " وقد ظن العجاج بفكره الثاقب وعقله الحصيف أنه بما نقل عن شيوخه قد أتى بدليل قاطع يسنده ويسند كتابه فقال إنه (مسك الختام!) وقد نسى أن ما نقله عن ابن خزيمة إنما هو حجة عليه لا له، إذ معناه أن نقد العلماء لأبي هريرة عريق في القدم، له جذور بعيدة، وليس هو بحادث ظهر في الزمن القريب، وإذا كان نقاد أبي هريرة في هذا العصر قد تأثروا بالمستشرقين أعداء الدين أو تأثر بهم المستشرقون، فبمن تأثر نقاده الذين حكم عليهم ابن خزيمة حكمه الصارم، وقد كانوا بلا شك قبل ظهور المستشرقين بمئات من السنين؟! وحقا ما قالوا: " عدو عاقل خير من صديق جاهل ".
على أننا نعود إلى العجاج وشيوخه فنقول لهم: ما قيمة أقوال هذين الرجلين الذين استشهدتم بأقوالهم، هل هي من الوحي المنزل؟ أم من كلام المعصوم صلوات الله عليه؟ ونسأل كذلك الشيخ محمد أبو زهرة عن قيمة حكمه الذي أصدره أخيرا على من ينتقد أبا هريرة؟؟ اللهم عرفنا بأقدارنا، وطهرنا من غرورنا، وجمودنا.
وليس لنا من رد على هذا الارهاب إلا أن نذكر ما قاله الأول: " أبشر بطول سلامة يا مربع "!
غرور:
أدرك العجاج طيش الغرور، فادعى أن بحثه الذي قضى في تصنيفه بضع سنين وظل يتسول به على شيوخه ثلاثها منها! ليستعين بهم على تأليفه " ستزول به الشبهات التي أثيرت حول أبي هريرة وتم هذا بفضل الله وتوفيقه (1) "؟ وكأنه تخيل وهو يطير في جو الخيال أن الناس جميعا قد حشروا في صعيد واحد، وشهدوا بأن كتابه قد طهر أبا هريرة من جميع عيوبه، وأصبح برئ الساحة، بما حمل من ترهاته وجهالاته!