(والله) لقد سمعت رسول الله يقول: إن لكل نبي حرما، وإن حرمي بالمدينة ما بين عير إلى ثور (1)، فمن أحدث فيهما حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وأشهد بالله أن عليا أحدث فيها!! فلما بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولاه إمارة المدينة (2).
على أن الحق لا يعدم أنصارا وأن الصحابة إذا كان فيهم مثل أبي هريرة والمغيرة بن شعبة وعمرو بن العاص وغيرهم ممن يستطيع معاوية أن يستحوذ عليهم، فإن فيهم كثرة غالبة لا يستهويها وعد ولا يرهبها وعيد، وكذلك في غيرهم من سائر الناس.
فقد روى سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن القاسم عن عمر بن عبد الغفار أنه - أبو هريرة - لما قدم الكوفة مع معاوية (3) كان يجلس بالعشيات بباب كندة ويجلس الناس إليه، فجاء شاب من الكوفة فجلس إليه وقال: يا أبا هريرة، أنشدك الله، أسمعت رسول الله يقول لعلي بن أبي طالب: اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه؟ فقال: اللهم نعم! فقال: فأشهد بالله، لقد واليت عدوه، وعاديت وليه. ثم قام عنه بعد أن وخزه هذه الوخزة الأليمة.