فقلت: لتردنه حافية، ولتركبنه قائمة! وفى رواية لابن سيرين، لتردنه حافية، ولتركبنه وهو قائم (1).
فانظر إلى هذا الكلام الذي تعرى عن كل مروءة وكرم، إذ يباهى بامتهان زوجه أمام الناس ويجاهر بالتشفي منها، وهل يفعل مثل ذلك رجل أصيل نبت من عنصر عريق؟ ولكن لا عجب فإنه أبو هريرة وكفى!
وليته كان يكتفى بذكر هذا الأشر والزهو في مجالسه الخاصة، بل بلغ من تبجحه في ذلك أنه كان يستعلن به على منبر رسول الله بالمدينة، وإليك ما رواه في ذلك أبو نعيم في الحلية (2).
عن أبي يزيد المديني قام أبو هريرة على منبر رسول الله بالمدينة فخطب خطبة ومما قاله فيها: الحمد لله الذي أطعمني الخمير، وألبسني الحرير وزوجني بنت غزوان بعد ما كنت أجيرا لها بطعام بطني فأرحلتني فأرحلتها كما أرحلتني..
الحديث.
ومن العجيب أنك ترى من يسوع هذا الزواج ويقول: إن الاسلام قد سوى بين الناس في المنزلة فلا فارق بين خادم ومخدوم! وهو قول باطل لا ينطق به إلا من نبت من عنصر غير كريم، فهو لا يستطيع أن يميز بين الشريف في عزته، والوضيع في خسته، ويجهل ما تقضى به الطبائع البشرية من أن الناس ليسوا سواء في الأخلاق والشيم، ولا يدرى ما قاله الرسول صلى الله عليه وآله: " الناس معادن - وأنزلوا الناس منازلهم ". هذا وإن كل نبيل النفس أغر المكارم لا يستنكر هذا الزواج فحسب بل ينفر منه ويمقته ويفزع له.
وإن لنا أن نقول هنا ولا نخشى في الحق شيئا:
إنه لو كان قد روعي حق العرف العربي، واتبع حكم الشرع الاسلامي، لما وقع هذا الزواج قط، وذلك بسبب انعدام الكفاءة ووجود التفاوت العظيم في المنزلة بين هذه الأميرة الجليلة وبين أبي هريرة، فبينما تراها في السطح من