وهذا الحديث من غرائبه، وهو ينطق ولا ريب أنه ابن ساعته كالحديث الذي قبله، وأنهما من كيسه!
وأخرج ابن عساكر وابن عدي والخطيب البغدادي عنه (أبو هريرة) قال: سمعت رسول الله يقول: إن الله ائتمن على وحيه ثلاثة: أنا وجبريل ومعاوية! ورواية أخرى (1) عنه مرفوعا، الامناء ثلاثة: جبريل وأنا، ومعاوية!
ومما خدم به أبو هريرة معاوية أنه لما اشتد إنكار عبادة بن الصامت على معاوية - كما علمت من قبل - أرسل معاوية إلى أبي هريرة - وكان يومئذ بالشام وقال: ألا تمسك عنا أخاك عبادة! فأتاه أبو هريرة وقال له: يا عبادة!
مالك ومعاوية! ذره وما حمل! فقال له عبادة لم تكن معنا إذ بايعنا رسول الله على السمع والطاعة والامر بالمعروف والنهى عن المنكر، وأن لا تأخذنا في الله لومة لائم، فسكت أبو هريرة (2) وتخاذل.
ومن تشيعه، أن معاوية أرسله هو وأبو الدرداء إلى على ليدعوانه إلى الشورى فقابلهما عبد الرحمن بن غنم الأشعري - وكان من أفقه أهل الشام - وهو الذي فقه عامة التابعين بالشام وكان له جلالة وقدر، فكان مما قاله لهما: عجبا منكما!
كيف جاز عليكما ما جئتما به؟ تدعوان عليا أن يجعلها شورى؟ وقد علمنا أنه قد بايعه المهاجرون والأنصار وأهل الحجاز والعراق، وأن من رضيه خير ممن كرهه، ومن بايعه خير ممن لم يبايعه! وأي مدخل لمعاوية في الشورى! وهو من الطلقاء الذين لا تجوز لهم الخلافة، وهو وأبوه من رؤوس الأحزاب؟ فندما على مسيرهما (3).