أو كلب زرع، فقال ابن عمر: إن لأبي هريرة زرعا (1)! أي أن أبا هريرة قد جاء بهذه الزيادة لان له زرعا!
وهذا يدل أوضح الدلالة على أن أبا هريرة كان عندما يريد شيئا يضع له حديثا من (كيسه) ثم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله..
ولا نستوعب هنا كل ما جاء عن الصحابة في تكذيب أبي هريرة فإنه كثير ويراجع في ذلك كتاب جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر وغيره.
انتقاد ما بعد الصحابة على أبي هريرة وموقف التابعين منه:
وإذا كنا لا نستطيع أن نستوفي كل ما صدر من مآخذ الصحابة على أبي هريرة وشكهم في رواياته، بل تكذيبها، لان كتابنا يضيق بذلك، فإن سياق البحث يدعونا إلى أن نعرف موقف التابعين من رواياته.
إن موقف التابعين من أبي هريرة إنما يتمثل في إمام العراق إبراهيم النخعي وأصحابه وهم، كما عرف من تاريخهم ولخصناه لك في كلمات وجيزة، أئمة أجلاء تلقوا القرآن، وحفظوا الحديث عن أصحاب رسول الله، وأدوا هذه الأمانة الثقيلة إلى من بعدهم على خير ما يؤديها الامناء الصادقون، فهم بذلك إذا تكلموا في أبي هريرة أو في غيره فإنما يتكلمون عن علم وخبرة، ويكون كلامهم حجة لا يمكن لاحد أن يدفعها أو يشك فيها.
وشهادة النخعي خاصة في أبي هريرة تعد شهادة قاطعة لا ريب فيها، ووصفه لرواياته يكون أدق وصف، ذلك بأنه ولد في سنة 50 ه، وذكروا في تاريخه أنه دخل في صباه على عائشة أم المؤمنين ورآها، وقد ماتت عائشة قبل أبي هريرة بعام، فبديهي أن يكون قد رأى أبا هريرة كذلك، ومهما يكن من شئ فإنه يعتبر ممن عاشوا في عصر أبي هريرة، ومن يكن شأنه كذلك فإنه يتاح له أن يعرف من أمر أبي هريرة ومروياته ما لم يعلم عنه غيره ممن لم يعاصره، فإذا هو حكم عليه حكما فإنما يكون حكما عدلا، وإذا قال في رواياته قولا فإنما يكون قولا فصلا.