به - أكبر جناية يعاقب عليها يوم القيامة عقابا شديدا!
ولكن الذي يقضى به الدين والعقل والمنطق والتاريخ، أن عمر لم يفعل ما فعل مع أبي هريرة إلا لأنه كان يعلم من أمره، أنه ليس أهلا لان يكون راوية أمينا صادقا عن النبي صلى الله عليه وآله ولا هو ممن يصح أن يظل ما يرويه باقيا بين المسلمين، يأخذه الخلف عن السلف بالرضا والقبول.
وما لنا نذهب بعيدا في أمر موقف عمر من أبي هريرة - وهذا الامر مقطوع به ومعروف قبل عمر وأبى بكر، ذلك بأن النبي صلى الله عليه وآله قد حسمه وقضى فيه بصائب حكمه عندما أقصاه إلى البحرين.
فلو كان صلى الله عليه وآله يعلم في أبي هريرة خيرا لأبقاه بجواره بالمدينة لكي يحفظ عنه أحاديثه ثم يبثها من بعده بين المسلمين حتى تظل محفوظة مصونة، وبذلك يصبح بحق (راوية الاسلام) كما خرف وخرق بذلك جماعة من شيوخ الدين واستعلنوا به في آخر الزمان بين العالمين!
وكأن هذا الامر الخطير قد غاب علمه عن السلف الصالح وعمن جاء بعدهم جميعا على مد التاريخ الاسلامي كله فلم يعرفه النبي ولا خلفاؤه ولا أئمة المسلمين جميعا حتى اهتدى إليه هؤلاء الشيوخ في آخر الزمان! وسبحان واهب العقول! وسنزيد هذا الامر بيانا عند كلامنا على كتاب عجاج الخطيب في آخر الكتاب.
على أنه قد استبان واتضح من روايات أبي هريرة التي حملت ما حملت - بعد أن غابت عنه درة عمر ما أثبت يقينا أن ما صنعه عمر معه إنما كان عملا رشيدا، وأن رأيه فيه كان سديدا، ولو أن أبا هريرة قد مات قبل موت عمر لما رأينا من مروياته ما رأينا من خرافات وإشكالات وإسرائيليات - كما ذكر العلامة السيد رشيد رضا ذلك من قبل.
هذه وقفة لا بد منها لان موقف عمر من أبي هريرة من أهم الأدلة التي تكشف عن حقيقة مرويات أبي هريرة، وتضعه في ميزان التقدير، بل قل:
إن هذا الموقف وحده كاف لنزع الثقة فيه وفى مروياته معه إلى يوم الدين.