لها في عقول المسلمين كأن الخبر قد رواه أبو هريرة عن النبي، وهو في الحقيقة عن كعب الأحبار!
وإليك مثلا آخر من الأحاديث التي رواها أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وهي في الحقيقة من الإسرائيليات:
روى أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم عن (أبي هريرة) أن رسول الله قال:
" إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مئة عام لا يقطعها " اقرأوا إن شئتم " وظل ممدود "!!
ولم يكد هذا الحديث يبلغ كعبا! حتى أسرع فقال - كما روى ابن جرير -: صدق والذي أنزل التوراة على موسى! والفرقان على محمد، لو أن رجلا ركب (حقة) (1) أو (جذعة) ثم دار بأعلى تلك الشجرة ما بلغها حتى يسقط هرما! إن الله تعالى غرسها بيده، ونفخ فيها من روحه، وإن أفنانها لمن وراء ستار الجنة، وما في الجنة نهر إلا وهو يخرج من أصل هذه الشجرة (2).
وهكذا يتعاونان على نشر هذه الخرافات بين المسلمين، وهي سوس الدين، أما كعب الأحبار فلكي يبلغ غايته من إفساد مبادئ الاسلام، وأما أبو هريرة فلكي يعلو شأنه بين الأنام، وبخاصة في نظر بنى أمية، وبذلك ينال مآربه الدنيوية بعد أن أصبح التلميذ الأول للكاهن اليهودي الماكر، وأنه أعلم الناس بما في التوراة بعد أن تلقى علم النبي صلى الله عليه وآله وأسراره في ثوبه وأجربته! وأصبح أعلم الناس بأحاديثه!
وهكذا تحيط بنا الإسرائيليات وغيرها من كل جانب، والمسلمون يصدقون، والحشوية يؤيدون، وأعداء الاسلام يضحكون، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
البيت وما كان من أمره:
ونختم هذا الفصل بخبر عجيب مما كان كعب يبثه من خرافات وترهات:
سأل عمر كعبا (أيام كان يثق فيه) أخبرني عن بناء هذا البيت ما كان أمره؟