إني والله لفي حاجة إلى الانتفاع بالجواب المقنع عن ذلك! لان هذا الحديث وحده لو حقق. لانسان نظره فيه وأمعن في ظاهره ومطاويه، لكشف ولا ريب عن حقيقة روايات أبي هريرة كلها. لأنه إذا كان هذا شأنه في رواية ما يصرح بسماعه بأذنه من النبي صلى الله عليه وآله فكيف يكون الامر فيما يرويه عنعنة عن غيره؟ وأكثر رواياته عنعنة كما صرحوا بذلك.
وإني - كلما ذكرت هذا الحديث - يعتريني شئ أشبه ما يكون بالخجل أو الخزي!
إذ ماذا يقول العلماء وبخاصة علماء الجيولوجيا الذين انتهى بحثهم العلمي إلى أن الأرض قد انقضى على تكوينها آلاف الملايين من السنين، ثم يأتي رسول المسلمين فيقول: إنها خلقت هي وما عليها في سبعة أيام من أيام الدنيا! وماذا يكون ظن هؤلاء العلماء في مبلغ علمه عليه الصلاة والسلام! على حين أنه يقول إنه تلقى علمه وحيا من الله! وإنه لا ينطق عن الهوى! وهكذا يورطنا أبو هريرة في المشاكل التي تفضحنا عند الأمم ولا نعرف كيف نتخلص منها!
ولقد أحسن علماؤنا في تكذيب هذا الحديث، وأن يقطعوا بأن أبا هريرة قد كذب في أنه قد رواه عن النبي - وأنه قد تلقاه عن كعب الأحبار اليهودي الذي لم يكن له من عمل إلا أن يدس في الاسلام ما يشوه بهاءه، وأن يفتح باب الطعن في علم من جاء به.
وهذه كلمة نتم بها نقد هذا الحديث.
إن الذين انتقدوا أبا هريرة في رواية هذا الحديث وكذبوه من أجله، قد حصروا انتقادهم في الاختلاف بين عدد الأيام التي جاءت في حديثه وما جاء في القرآن! ثم وقفوا عند ذلك، وفاتهم أمر آخر مهم كان عليهم أن يشتدوا في نقده حتى ولو كانت رواية حديث أبي هريرة قد جاءت مطابقة لما في القرآن! من حيث عدد الأيام - ذلك لان الأيام التي ذكرها في حديثه والتي خلق الله العالم كله فيها - هي الأيام المعروفة لنا، تلك التي جاءت من دوران الأرض حول الشمس - وهذه الأيام لم تكن معروفة يوم خلق الله السماوات والأرض، لا بأسمائها ولا بمقاديرها! لان ذلك قد جاء في اصطلاح