أن يكون نعتا للفظ الماء لكونه من قبيل الأسماء الجامدة وإن دل على المبدأ إلا على تأويل، كما يلتزم في الجامد المحض، ومن هنا لم يلتفت إليه صاحب الكشاف مع اعترافه بأصل المعنى. ويمكن أن يجاب عن ذلك بحمله على البدلية من لفظ الماء، أو يراد من طهور حينئذ يتطهر للاستغناء عن الموصوف بلفظ ماء فيكون المعنى وأنزلنا من السماء ماء يتطهر به، كما عن الهروي فإنه قال ماء طهور أي يتطهر به أو يراد وأنزلنا من السماء ماء هو آلة للطهارة، كما عن النيشابوري. والحاصل أن أمر التأويل في ذلك سهل.
وقد يقال إن من ذكر أنه يراد بالطهور المطهر أخذه من هذا المعنى، لا أن المراد بالطهور المطهر وضعا إذ لا ريب في استفادة المطهرية منه على تقدير كونه اسما للآلة، وربما يرشد إلى ذلك ما ذكره المحقق في المعتبر فإنه قال: " الطهور هو المطهر لغيره قاله الشيخ في الخلاف وعلم الهدى في المصباح، خلافا لبعض الحنفية. لنا النقل والاستعمال، أما النقل فما ذكره الترمذي قال: الطهور بالفتح من الأسماء المتعدية وهو المطهر غيره، وقال الجوهري: الطهور هو ما يتطهر به كالسحور والبرود. وأما الاستعمال " إلى آخره، فإن نقله عن الجوهري استشهاد لما ادعاه من كون الطهور هو المطهر، مع أن الذي ذكره الجوهري إنما هو اسم الآلة إشارة إلى أن المطهرية المرادة من الطهور إنما هي مأخوذة من اسم الآلة، نعم ما نقله عن الترمذي ليس كذلك لقوله: " من الأسماء المتعدية " مع أنه قد يحمل لفظ التعدية في كلامه على معنى آخر فتأمل. وقال العلامة في التذكرة: " والطهور هو المطهر لغيره وهو فعول بمعنى ما يفعل به أي يتطهر به كغسول، وهو الماء الذي يغتسل به لقوله تعالى: (وأنزلنا من السماء ماء طهورا) ثم قال: (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به) لأنهم فرقوا بين ضارب وضروب وجعلوا الثاني للمبالغة في المعنى " انتهى. فإنه صريح فيما ذكرنا، وقال في كنز العرفان:
" وقالت الشافعية وأصحابنا أنه بمعنى المطهر فيكون مأخوذا من الوضع الثاني " انتهي.
والوضع الثاني في كلامه أنه اسم لما يتطهر به فتأمل جيدا. وقد يؤيده أيضا أنه من المستبعد