ما نقل عن الأساس، قال: هو ماء المطر يبقى محقونا تحت رمل فإذا انكشف (1) عنه أدته الأرض. وعن الخليل في العين أن الثمد الماء القليل يبقى في الأرض الجلد، ولعله هو مراد الصحاح والقاموس والمجمع وشمس العلوم على ما نقل عنهم من أنه الماء القليل الذي لا مادة له، إذ ما كان على وجه الأرض لا يسمى ثمدا قطعا. فالأقوى إلحاقه بالمحقون مطلقا جرى أو لم يجر للاستصحاب مع الظن أو القطع بعدم شمول ذي المادة له، لا أقل من الشك، فيبقى على حكم المحقون من القليل أو الكثير. اللهم إلا أن يفرض كونه على وجه يصدق ذو المادة عليه، أو يقال إنه مطلقا من ذي المادة أو بحكمه ولو مع الشك كما ستعرف.
فإن قلت ما تقول في البئر الذي يخرج ماؤها رشحا فهل تجري عليها أحكام البئر، قلت الظاهر فيه الوجهان الناشئان من تفسير النبع لما ستعرف أن البئر هي الماء النابع، على أنه قلما يوجد بئر ماؤها رشح، بل الغالب أن تخرج من منابع، نعم قد تتفق دفاقا تشتبه بالرشيح فلا تشملها إطلاقات البئر. ويؤيده أيضا أصالة عدم لحوق أحكام البئر، وإليه ينظر ما نقله صاحب الحدائق عن والده من عدم تطهير الآبار التي في بعض البلدان بالنزح بل بالقاء كر، لأن ماءها يخرج رشحا، لكن قد عرفت أن النبع أعم من الرشح بل قيل الغالب في الآبار الرشح. فالتحقيق إجراء حكم البئر عليها مع الصدق عرفا وإن كان الخارج رشحا، أما إذا لم يصدق عرفا لقلة الحفر ونحوه فهو من ذي المادة إن لم يجر وإلا كان جاريا أيضا كما أشرنا إلى ذلك سابقا. وقد يقال أن عموم الأدلة في المياه يقتضي كونها طاهرة مطهرة لا تنجس إلا بالتغير، والتفصيل بالكر وما دونه إنما هو في المياه المعلوم عدم المادة لها كالحياض والغدران ونحوهما، ولذا كان المشهور عدم اعتبار الكرية في الجاري بل وفي كل ذي مادة. وحينئذ يتجه إلحاق الرشح والنزيز بل والثمد بحكم الجاري أو ذي المادة ولو مع الشك للعموم المزبور الذي يمكن أن يؤيد