لما عرفت، وما في التهذيب بعد أن أورد الدليل لأبي حنيفة من أنه لا يكون فعول متعديا والفاعل منه غير متعد، قال: " إنه غلط لأنا وجدنا كثيرا ما يعتبرون في أسماء المبالغة التعدية وإن كان اسم الفاعل منه غير متعد، ألا ترى إلى قول الشاعر:
حتى شآها كليل موهنا عمل * باتت طرابا وبات الليل لم ينم تعدى كليل إلى موهنا وكان اسم الفاعل منه غير متعد وهذا كثير في كلام العرب " انتهى. ولعله لا ينافي ما ذكرنا لكون مثل ذلك بعد تسليم أنه مما نحن فيه لا يثبت أنه قياسي وكيف وهو من المعلوم أن فعولا للمبالغة في مادة فاعل فهو تابع له. نعم هنا مسلك آخر لافادته التطهير لا من جهة الوضع اللغوي فيقال إنه لما كان مثل ذلك موضوعا للمبالغة الحاصلة من التكرار كضروب، فإنه لا يقال إلا بعد حصول التكرار. وكانت صفة الطهارة الشرعية غير قابلة للزيادة والنقيصة، كان معنى المبالغة منصرفا إلى المطهرية حتى يكن لها وجه مناسب. وقد ارتكب هذا الطريق جماعة بل ربما أضافوه إلى النقل عن اللغة، وليس هذا من باب اثبات اللغة بالاستدلال بل هو اثبات المراد باللفظ بواسطة الفهم العرفي من قبيل حمل اللفظ على أقرب المجازات بعدت عذر الحقيقة. قال الزمخشري على ما نقل عنه في الكشاف: " طهورا أي بليغا في طهارته. وعن أحمد بن يحيى هو ما كان طاهرا في نفسه مطهرا لغيره. فإن كان ما قاله شرحا لبلاغته في الطهارة كان سديدا ويعضده قوله تعالى: " وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به " (1) وإلا فليس فعول من التفعيل في شئ " انتهى. وقال في المغرب على ما نقل عنه: وما حكي عن تغلب أن الطهور ما كان طاهرا في نفسه مطهرا لغيره إن كان مراده بيان لنهايته في الطهارة فصواب حسن وإلا فليس فعول من التفعيل في شئ، وقياس هذا على ما هو مشتق من الأفعال المتعدية كقطوع ومنوع غير