وبأن التقدير في المضاف المسلوب الأوصاف إذا امتزج مع المطلق ثابت فيثبت في النجس بطريق أولى. وفيه أنه ممنوع هناك أيضا أولا، وثانيا أن الفرق بينهما واضح، وذلك لأن أمر الاطلاق والإضافة يرجع إلى العرف، فلعل اعتبار التقدير هناك يكشف عن أمر متحقق ثابت وهو الصدق العرفي بخلافه هنا، فإن أمر النجاسة شرعي وقد أحالها على التغير الذي مدركه الحس. وما يقال أن التقدير هنا كتقدير الحر عبدا بالنسبة إلى الحكومة ومعرفة مقدار أرش الجناية، فيه ما لا يخفى.
وبأن عدم التقدير يفضي إلى جواز الاستعمال وإن زادت النجاسة على الماء أضعافا مضاعفة. وفيه أنه استبعاد لغير البعيد مع بقاء اسم المائية، وماذا يقول في الفاقد غير المسلوب وفي الواجد الضعيف.
وبأن الماء مقهور فإن الماء كلما لم يصر مقهورا بالنجاسة لم يتغير بها على تقدير المخالفة وينعكس بعكس النقيض إلى قولنا كلما تغير على تقدير المخالفة كان مقهورا. وفيه إنا نمنع المقهورية وإن قلنا بالتغير على تقدير المخالفة. اللهم إلا أن يريد المستدل شيئا آخر وهو أن الوارد في الأخبار ليس مجرد التغير فقط بل علق الحكم تارة عليه وأخرى على الغلبة والغلبة وصف متحقق ثابت في الواقع والتغير علامة وكاشف، فحيث لم يوجد الكاشف يقدر أو يستكشف بطريق آخر، والأولى الأول.
ولعل هذا أولى ما يستدل به للعلامة، وقد أشار إليه في المنتهى قال فيه قبل هذه المسألة: " الرابع بلوغ الكرية حد لعدم قبول التأثير عن الملاقي إلا مع التغير، من حيث أن التغير قاهر للماء عن قوته المؤثرة في التطهير. وهل التغير علامة على ذلك والحكم يتبع الغلبة أم هو المعتبر؟ الأولى الأول فلو زال التغير من قبل نفسه لم يزل عنه حكم التنجيس " وهو صريح فيما قلنا. وقد يؤيده حينئذ بأنه لو كان المدار على التغير وليس المدار على الغلبة لكان لا معنى للتقدير في الموافق الذي منع من ظهور التغير فيه الجواهر 10