قطعا، فإنه لا يجب إلا على المحدث اتفاقا كما قيل. لكن قد يناقش فيه بأن أقصى ذلك ناقضية الطهارة به، وهي لا تستلزم وجوب الغسل للصلاة إذ قد يكتفي في رفع الحدثية بالوضوء حينئذ، وإن وجب الغسل تعبدا بناء على استقلاله في رافعية الأصغر وإن كان منضما مع الأكبر، اللهم إلا يقال إن المنساق منها أنه حدث لا ترتفع حدثيته إلا بالوضوء والغسل. وربما استدل عليه أيضا بما (1) في روايتي الفضل بن شاذان ومحمد بن سنان عن الرضا (عليه السلام) من تعليل الأمر بغسل المس بالطهارة لما أصابه من نضج الميت قال (عليه السلام) في الأولى: " إنما أمر من يغسل الميت بالغسل لعلة الطهارة مما أصابه من نضح الميت لأن الميت إذا خرج منه الروح بقي أكثر آفته " وكذا في الثانية مع زيادة " فلذلك يتطهر منه ويطهر " وهو وإن أمكن المناقشة فيه سيما في الأولى، لكنه لا بأس به مؤيدا، وإنما العمدة ما عرفت من ظهور اتفاق الأصحاب على ذلك مع التأييد بما في الفقه الرضوي (2) وما عساه يشعر به ضمه في الأخبار مع ما يوجب الغسل من جهة الحدث، بل لعله المنساق من الأمر بالاغتسال منه، بعد ملاحظة ما كان من قبيله من هذه الأغسال. لكن جميع ذلك إنما يقضي بوجوب الغسل لهذه الغايات الثلاثة دون غيرها من اللبث في المساجد وقراءة العزائم، وإن كان ظاهر المصنف وغيره ممن أطلق وجوب الغسل للغايات الخمس ذلك، بل عن بعضهم نسبته إلى الأشهر، إلا أنه لا دليل عليه، فالأصل يقتضي عدمه والقياس لا نقول به وفاقا للمنقول عن الروض والموجز وغاية المرام ومعالم الدين وجامع المقاصد وحواشي التحرير والإرشاد والجعفرية والطالبية ومنهج السداد وشارح النجاة بل في السرائر دعوى الاجماع على جواز دخوله المسجد وجلوسه فيه. فظهر حينئذ أن الأقوى عدم وجوب غسل المس لغير ما تجب له الطهارة الصغرى.
(٣٣)