وهما معا باطلان. ومن العجيب أن العلامة (ره) مع قوله بالوجوب النفسي ذكر كما ذكر المصنف (رحمه الله) من أنه إنما يجب عند ضيق الوقت. وقيل إنه حكي عنه الاعتذار عن ذلك بأن المراد تضيق الوجوب بسببه وإنما الموجب له الجنابة. وفيه أنه مشعر بأن الغسل لا يجب إلا بوجوب واحد نفسي حاصل من حين وجود سببه لا يتضيق إلا بظن الموت أو بتضيق العبادة المشروطة به، وهو وإن كان مطابقا لظاهر المنقول عن القائل بالوجوب النفسي في جميع الطهارات من وجوبها بحصول سبابها وجوبا موسعا لا يتضيق إلا بظن الوفاة أو تضيق العبادة المشروطة بها، ولاستدلال القائلين بوجوب غسل الجنابة لنفسه بأنه لو كان واجبا لغيره لزم جواز الاصباح على الجنابة في شهر رمضان لعدم وجوب الواجب للغير إلا بعد دخول الوقت، لكن ينبغي القطع بفساد ذلك كله لما عرفت من أنه لا اشكال ولا نزاع في الوجوب الغيري عند القائلين بالوجوب النفسي وأن الذي يتضيق بتضيق العبادة إنما هو الأول دون الثاني كالعكس في ظن الوفاة، نعم قد يجتمعان ولا مانع من ذلك كما في غيرهما مما وجب لنفسه ولغيره. وكيف كان فقد ظهر لك أن القول بالوجوب النفسي لا يحسم مادة الاشكال، ولذلك نقل عن البهائي أنه سلك مسلكا آخر في التخلص عن ذلك وهو صرف وجوب الغسل لصوم عن ظاهره وجعل الغاية توطين النفس على إدراك الفجر طاهرا. وفيه مع وضوح فساده في نفسه أن وجوب التوطين على إدراك الفجر طاهرا فرع وجوب الغسل قبل الوقت، فإن صح فلا حاجة إلى غيره، وإلا لم يجب التوطين. وأعجب من ذلك ما أجاب به ابن إدريس في السرائر بعد أن أورد الاعتراض على القول بالوجوب الغيري بما حاصله أن الجنب في ليالي شهر رمضان إن أوجبتم عليه الاغتسال قبل الفجر فقد رجعتم إلى القول بالوجوب النفسي من حيث لا تشعرون لعدم وجوب الواجب للغير قبل الوقت، وإن قلتم لم يجب كما هو قضية قولكم بندبيته قبل الوقت خالفتم الاجماع إذ لا خلاف في اشتراط صحة الصوم بالطهارة من الجنابة قبل الفجر، فيجب حينئذ لوجوب ما لا يتم
(٣٨)