كما سيظهر لك في باب غسل الجنابة، ومثله في ذلك بالنسبة إلى الخمسة أيضا غسل الحيض والنفاس، بل هو اجماعي في الثلاثة الأول، ولا أعرف فيه خلافا في الاثنين أيضا، كما يشعر بنفيه عنه المحكي عن الروض والمسالك، حيث جعل ما يحرم على الحائض أقسام ثلاثة منها ما غايته النقاء دون الغسل كالطلاق، ومنه ما غايته الغسل دون النقاء، وذكر الخمسة، ومنه ما هو مختلف فيه كالصوم، قيل. وكذا كلام العلامة في نهاية الإحكام يشعر بذلك أيضا. وعن الجامعية الاجماع على الوجوب للمساجد وقراءة العزائم، لكن في المدارك عن بعض أنه قوى عدم وجوب الغسل لهما، واكتفى في الجواز بانقطاع الدم لعدم التسمية بعده عرفا ولغة أيضا. وإن قلنا أن المشتق لا يشترط في صدقه بقاء أصله كما في مثل المؤمن والكافر والحلو والحامض كما قرر في محله، قال: وما ذكره غير بعيد غير أن المشهور أقرب. قلت: ويدل على المختار مضافا إلى ما سمعت وإلى استصحاب المنع الثابت قبل انقطاع الدم أن الظاهر كون المنشأ هو الحدث، كما يشعر به الجمع بين الحايض والجنب في الحكم، واطراد المنع في النقاء المتخلل، وعدم قصور حدث الحيض عن الجنابة إن لم يكن أشد منه.
واطلاق اسم الحائض باعتبار الحدث كثير شائع، منه قولهم: يجب على الحائض الغسل ويجوز وطء الحائض بعد انقطاع الدم قبل الغسل ونحو ذلك. والمراد بالحائض هنا هذا المعنى لا ذات الدم. والقول في النفساء كما في الحائض حرفا بحرف، مع نقل الاتفاق على تساويهما في الأحكام. وأما المستحاضة فلا نزاع في وجوب الغسل فيها للصلاة والطواف، وكذا مس كتابة القرآن لحرمته في حال الحدث، مع عدم الاشكال في كون دمها حدثا. وأما دخولا المسجد وقراءة العزايم فالظاهر من المصنف (رحمه الله) وغيره ممن عبر كعبارته اشتراطهما أيضا بالغسل، وهو الظاهر من كلمات الأصحاب فيما يأتي في المستحاضة من تعليقهم صيرورتها بمنزلة الطاهر على فعل ما وجب عليها من الأغسال، وفي جملة منها يظهر منها أنها إن لم تفعل حرم عليها ما كان يحرم