الجنابة المتأخر لا المتقدم ضرورة كون ذلك هو مفاد الخبر المزبور المقتضي فساد الصوم بالاصباح جنبا، من المعلوم أن الزمان تدريجي فلا يتعقل الخطاب وجوبا برفع هذا المانع قبل حصوله وصيرورته مانعا.
فظهر لك من ذلك كله أنه لا وجه لدعوى وجوب الغسل للصوم قبل وقت الضيق، كما أنه لا معنى لانكاره فيه بعد ما عرفت سابقا من استفادته من الأمر بالصوم بعد ثبوت شرطية تقدمه عليه، وأنه لا مانع من وجوب المقدمة قبل تحقق وقت أداء ذي المقدمة، وبه ظهر وجه تخصيص المصنف ومن تابعه بوقت الضيق. ولعله يشير إلى بعض ما ذكرنا ما في كشف اللثام من تعليل ذلك بأنه إنما يجب له إذا وجب. ولذا لا يجب الوضوء للصلاة ما لم تجب ولا يجب إلا إذا دخل وقته، لكنه لما اشترط الطهارة من أول يوم وجبت قبله ولكن بلا فصل إذ لا وجوب له ولا اشتراط به قبل ذلك (و) يجب الغسل أيضا (لصوم المستحاضة إذا غمس دمها القطنة) سال منها أو لم يسل، فيشمل حينئذ حالتي الوسطى والعليا، كما هو قضية إطلاق غيره من الأصحاب، بل في جامع المقاصد وعن حواشي التحرير ومنهج السداد والطالبية والروض الاجماع عليه مع التصريح بالتعميم المتقدم. فما في البيان وعن الجعفرية والجامع من التقييد بالكثرة شاذ أو محمول على ما يقابل القلة، وربما ظهر ذلك أيضا من النص في هذا الحكم، وهو صحيح علي بن مهزيار (1) قال: " كتبت إليه امرأة طهرت من حيضها أو من دم نفاسها في أول شهر رمضان، ثم استحاضت فصلت وصامت شهر رمضان كله، غير أنها لم تعمل ما تعلمه المستحاضة من الغسل لكل صلاتين، هل يجوز صومها وصلاتها أم لا؟
قال: تقضي صومها ولا تقضي صلاتها، لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يأمر فاطمة والمؤمنات من نساءه بذلك " لكن ذلك إنما هو في خصوص السؤال فلا منافاة فيه حينئذ لما قدمنا مع أنه ترك فيه غسلها للفجر المقطوع باعتباره في الصوم.