والمشروط، وبعبارة أخرى بين المقيد والمطلق، وثالثة بين شرط الوجوب وتعليقه وبين صحة الواجب والمأمور به، والله العالم.
فاتضح لك بذلك كله وجه ما يندفع به ما ذكر سابقا بحذافيره من غير حاجة إلى القول بالوجوب النفسي ولا اسقاط وجوب ما لا يتم الواجب إلا به ولا إنكار مقدمية الغسل للصوم، نعم يتجه بناء على ما ذكرنا عدم اختصاص الوجوب بآخر الوقت كما هو ظاهر المصنف (ره) ومن تبعه. لعدم الدليل، بل لدليل العدم وهو إطلاق ما دل على وجوب المقدمات من الأمر بذي المقدمة، بعد فرض العلم باشتراط تقدمها من غير تقييد بوقت كسائر الواجبات المطلقة، لكنها تتضيق في آخر الليل لمكان انتهاء وقت وجوبها، ولا ينافي ذلك القول بوجوبها للغير إذ المراد أن العلة في وجوبها الغير ولو تقدمت عليه بل تسرى العلامة الطباطبائي (رحمه الله) حتى قال:
" أنه لولا النص والاجماع على تأخير وجوب هذا الغسل عن وقت الصلاة لأمكن القول بمثله هنا أيضا، فإن الصلاة في أول الوقت متصفة بالوجوب الموسع وهي موقوفة على الطهارة قبل الوقت، لكن الدليل الشرعي أوجب صرف الوجوب إلى صورة مخصوصة وهي ما إذا صادف المكلف أول الوقت متطهرا، فتكون الصلاة في أول الوقت واجبا مشروطا، وأما الغسل للصوم فحيث لم يمكن تأخيره إلى الوقت ولم يضرب له وقت في الشرع وجب أن يكون وقته من حصول السبب ويتضيق وجوبه في آخر الليل كما هو الغالب وربما تضيق في غيره كما إذا علم عدم تمكنه منه في الأخير " انتهى، وكيف كان فقد صار حاصل هذا التخلص أنا نقول بوجوب غسل الجنابة للصوم بمجرد حصول سبب الجنابة موسعا، ويتضيق إذا بقي من الليل بمقدار زمانه، وأنه لا مانع من وجوب المقدمة قبل الوقت الذي هو شرط صحة الفعل لا الوجوب، فهي حينئذ مقدمة واجب مطلق لا مشروط كما أنه لا دليل على تخصيص الوجوب في الآخر، وما تخيلوه من أنه لا يجب الشرط قبل المشروط مع فساده بما سمعت لا يدفعه دعوى التضيق المذكورة واختاره العلامة الطباطبائي