الجنابة أكثر أصحابنا، قالوا: لا يجوز استعماله في رفع الحدث، للأصل والعمومات والاطلاقات من الكتاب والسنة، وما تشعر به الروايات المتقدمة في أول البحث على وجه، المؤيدة بفتوى كثير من أصحابنا، بل ظاهر غير واحد منهم أو صريحه الاجماع عليه في باب التيمم عند البحث على استعمال التراب المستعمل، مع عدم دليل صالح للخروج، لضعف رواية عبد الله بن سنان غاية الضعف، مع أن في صدرها " لا بأس بأن يتوضأ بالماء المستعمل " مع أنها موافقة للعامة، وما ذكره الشيخ (رحمه الله) من كونه مذهب الأكثر مع أنا لم نتحققه لا يصلح لأن يكون جابرا، سيما بعد إعراض كثير من المتأخرين عنها وجملة من القدماء.
وأما خبر ابن مسكان فلا دلالة فيه على المنع، كباقي الأخبار المتضمنة لذلك، مع ظهور بعضها في عدم البأس إن لم يفعل، بل فيه إن كان في مكان واحد وهو قليل لا يكفيه لغسله فلا عليه أن يغتسل ويرجع الماء فيه، فإن ذلك يجزيه، وفي بعضها الأمر بالنضح عن اليمين وعن اليسار وبين اليدين للوضوء، مع أنك قد عرفت الاجماع على عدم المنع من الماء المستعمل فيه، مضافا إلى اشتمال بعضها على بعض الأحكام الغير المنطبقة على القواعد، مع أن دعوى الحكمة فيها ما ذكر من القولين لا يخلو من نظر، وإن أطال في بيان ذلك في الحدائق، بل ابن إدريس أفسد الأول، وقال إنه شئ لا يلتفت إليه، لأنه إذا تندت الأرض كان نزول الماء أسرع، فمن هنا قد يقال: بدلالتها على المطلوب، كما استدل ببعضها في المختلف لما فيها من الاشعار به، بل لا يخفى على الناظر فيه أن المراد منها الاستحباب كما استظهره جماعة.
وأما أخبار النهي عن غسالة الحمام فهي - مع تضمن كثير منها التعليل بغسالة اليهودي والنصراني والمجوسي والناصب لنا أهل البيت وهو شرهم وولد الزنا والزاني والجنب من الحرام، ومع أن في بعضها ضعفا، ولذلك قال: في المنتهى أنه لم يصل إلينا غير حديثين ضعيفين يدلان على ذلك، وأورد هما، مع أن في الثاني منهما التعليل بغسالة