يكتفون في مصنفاتهم عن ضعفاء الرجال بذكر اسم الراوي والرأي فيه باختصار شديد التزاما بقاعدة فقهية معروفة، فمثلا يقال: فلان ضعيف، منكر الحديث، ضعفه فلان، تركه فلان. إلخ ما هو واضح في كتابي الضعفاء للبخاري والنسائي اللذين وفق الله بتحقيقهما وطبعهما في هذا الشهر:
فإن ابن حبان يخطو في هذا الكتاب خطوة واسعة في هذا الفن:
هو أولا وضع قواعده العشرين في التضعيف والجرح وترك الرجال.
يذكر اسم الرجل كاملا والحكم عليه والأسباب التي استند إليها في تكوين هذا الحكم.
ينقل بعد هذا رأى الأئمة في الرجل.
ينهى الترجمة برواية الأحاديث التي أنكرها المحدثون عليه ويصدر ذلك بقوله:
(قال أبو حاتم).
وقد جاء الكتاب سجلا فريدا، ومرجعا هاما يرجع إليه في ضعفاء المحدثين، جمع كثيرا من الأحاديث الموضوعة أو الضعيفة التي يعز على الباحث العثور عليها في غير كتابه، كما حفظ أسماء كثير من الرجال ممن يصعب العثور عليهم في غيره.
ويكفي أن كتاب الموضوعات لابن الجوزي استقى أكثر أحاديثه من كتاب ابن حبان.
كما أن صاحب الميزان ترجم لعدد كبير من الرجال لم يجد عنهم أكثر مما قاله ابن حبان فيهم.
ولا يفوتني أن أشير هنا إلى أن ابن حبان ينقل عن البخاري كثيرا من البيانات عن الرجال خاصة من كتابيه: (التاريخ الكبير، التاريخ الصغير) دون ان يشير إلى الامام البخاري، بل إن اسم الامام البخاري لا يكاد يتردد في كتابه هذا، مع أن ابن حبان بدا طلب العلم في وقت كانت شهرة البخاري طبقت الآفاق ولم ينازعه في زعامة المحدثين منازع خاصة بعد وفاته.
النسخة التي اعتمدت عليها في التحقيق:
طبع الجزء الأول من الكتاب في المطبعة العزيزية بحيدر أباد عام 1970 م، ولكن