النوع العشرون قال أبو حاتم: ومنهم القصاص والسؤال الذين كانوا يضعون الحديث في قصصهم ويروونها عن الثقات، فكان يحمل المستمع منهم الشئ بعد الشئ على حسب التعجب فوقع في أيدي الناس وتداولوا فيما بينهم وأخبرنا إبراهيم بن عبد الواحد المعصوب (1) ببلد الموصل، قال سمعت جعفر بن أبي عثمان الطيالسي يقول: صلى أحمد بن حنبل ويحيى ابن معين في مسجد الرصافة، فقام بين أيديهم قائم فقال: حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى ابن معين قالا: حدثنا عبد الرزاق قال: أنبأنا معمر عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): من قال لا إله إلا الله يخلق من كل كلمة منها طير منقاره من ذهب وريشه من مرجان * وأخذ في قصة نحو عشرين ورقة، فجعل أحمد ينظر إلى يحيى ويحيى إلى أحمد، فقال: أنت حدثت بهذا؟ فقال: والله ما سمعت به قط إلا الساعة. قال:
فسكتوا جميعا حتى فرغ من قصصه وأخذ قطاعه (2)، ثم قعد ينظر بقيتها، فقال له يحيى ابن معين بيده: أن تعال، فجاء متوهما لنوال غيره فقال له يحيى: من حدثك بهذا الحديث فقال: أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، قال: أنا يحيى بن معين وهذا أحمد بن حنبل. ما سمعنا بهذا قط في حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فإن كان لابد والكذب فعلى غيرنا، فقال له بأنت يحيى بن معين؟ قال: نعم قال: لم أزل أسمع أن يحيى بن معين أحمق ما علمته إلا الساعة. فقال له يحيى: وكيف علمت أنى أحمق؟ قال: كأن ليس في الدنيا يحيى وأحمد غيركما.
كتبت عن سبعة عشر أحمد بن حنبل غير هذا. قال: فوضع أحمد بن حنبل كمه على وجهه وقال: دعه يقوم، فقام كالمستهزئ بها.
(قال أبو حاتم: وقد دخلت تاجران (3) - مدينة بين الرقة وحران - فحضرت