كثيرة، وهذه الأحقاد حفظت لنا بعض آراء ابن حبان بالإضافة إلى ما هو مدون في بطون كتبه التي بين أيدينا.
فعندما أخرجوه من سجستان قالوا: إنه أنكر الحد لله. والحافظ الذهبي يرى أن كلا الفريقين ابن حبان وخصومه بعيد عن الصواب، فإن " إنكاره الحد وإثباتكم الحد نوع من فضول الكلام، والسكوت عن الطرفين أولى، إذ لم يأت نص ينفى ذلك ولا إثباته " إلخ ما قاله في الميزان - في حين أن السبكي يرى أن الأولى بالاخراج من المدينة من يجعل ربه محدودا لا من ينزهه تعالى عن الجسمية.
وتلك التي رفعوها إلى الخليفة يؤلبونه عليه، وهي قوله: " النبوة العلم والعمل "، وقد سبق مناقشتها وابن حبان في رواياته للأحاديث يقارن بين الاخبار، وله نظرات في ذلك تدل على مكانته في علوم اللغة، وإحاطته بعلوم السنة وتمكنه من فقه الحديث.
ذكر في صحيحه حديث أنس في الوصال، وقوله صلى الله عليه وسلم: " إني لست كأحدكم إني أطعم وأسقى "، ثم قال: " في هذا الخبر دليل على أن الاخبار التي ذكر فيها وضع النبي صلى الله عليه وسلم الحجر على بطنه كلها أباطيل. وإنما معناها الحجز - بضم الحاء وفتح الجيم - لا الحجر.
والحجز بالضم هو طرف الإزار، إذ الله عزو وجل كان يطعم رسوله صلى الله عليه وسلم ويسقيه إذا واصل، فكيف يتركه جائعا مع عدم وصال حتى احتاج إلى شد الحجر على بطنه.
وما يغنى الحجر عن الجوع؟! ".
وذكر حديث: " قوائم المنبر رواتب في الجنة " وبوب عليه برجاء نوال الجنان بالطاعة عند منبر المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وحديث: " ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة " وبوب عليه رجاء نوال المرء بإطاعة روضة من رياض الجنة إذا أتى بها بين القبر والمنبر.
وقال عن الخبرين الا خيرين: حاصله أن الخطاب في هذين الخبرين من باب إطلاق المسبب على السبب، والمعنى أن المسلم يرجى له الجنة بتقربه عند هذين الموضعين.
وغير ذلك من الأمثلة التي تدل على سعة الأفق ودقة الفهم.