مذهب ابن حبان في الجرح والتعديل:
يرتبط بالموضوع السابق الالمام برأي ابن حبان في الجرح والتعديل، خاصة وأن الكتاب الذي نقدمه للقارئ يتناول القاعدة التي وضعها ابن حبان للضعفاء والمجروحين والمتروكين وتطبيقاته هذه القاعدة على الرجال.
ويعد ابن حبان من بين المتشددين من أئمة المحدثين في الحكم على الرجال. شأنه في ذلك شأن أبى حاتم والنسائي وابن معين وابن القطان ويحيى القطان وغيرهم. والحافظ الذهبي يشير إلى هذا في ثنايا ترجماته في الميزان عندما ينقل رأى ابن حبان، وكثيرا ما يقسو في عبارته عليه أو يغمزه غمزا شديدا.
ففي ترجمة عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي يقول: " وأما ابن فإنه يقعقع كعادته فقال فيه " وفي ترجمة سويد بن عمرو الكلبي: " أما ابن حبان فأسرف واجترأ " وفي ترجمة محمد بن الفضل السدوسي عارم: " فأين هذا القول من قول ابن حبان الحشاف المتهور في عارم " ثم ساق رأى ابن حبان وقال: " ولم يقدر ابن حبان أن يسوق له حديثا منكرا، فأين ما زعم؟! ".
ومع تسليمنا بأن ابن حبان يميل إلى التشدد في حكمه على الرجال كأستاذه النسائي، إلا أن الذهبي كثيرا ما ينقل آراء المجرحين الذين يلتقون مع ابن حبان في الرأي ولا يهاجم إلا ابن حبان منهم خاصة.
والحافظ ابن حجر أيضا يميل إلى هذا الرأي، يقول: " ابن حبان ربما جرح الثقة حتى كأنه لا يدرى ما يخرج من رأسه ".
والحديث في هذا يطول وقد أشرت إلى جانب منه في مقدمة كتاب: " الضعفاء والمتروكين " للنسائي.
ومع ذلك فقد نسب عدد من المحدثين ابن حبان إلى التساهل، وقد عالج اللكنوي الهندي هذا الموضوع في كتابه: " الرفع والتكميل في الجرح والتعديل ".
فكان مما قاله في ذلك: " قالوا: هو واسع الخطو في باب التوثيق، يوثق كثيرا