ويصير معتقا له إذا اكتسب سبب تملكه، فاللفظ متى صار عبارة عن غيره مجازا للاتصال من حيث السببية يسقط اعتبار حقيقته، وباعتبار مجازه ما صادف إلا محلا صالحا، ولما تبين أنه خلف في التكلم لا في الحكم كان عمله كعمل الاستثناء والاستثناء صحيح على أن يكون عبارة عما وراء المستثنى وإن لم يصادف أصل الكلام محلا صالحا له باعتبار أنه تصرف من المتكلم في كلامه، حتى لو قال لامرأته أنت طالق ألفا إلا تسعمائة وتسعة وتسعين لم تقع إلا واحدة، نص عليه في المنتقى، ومعلوم أن المحل غير صالح لما صرح به ومع ذلك كان الاستثناء صحيحا لأنه تصرف من المتكلم في كلامه فهنا كذلك. ثم فيه طريقان لأبي حنيفة: أحدهما أنه بمنزلة التحرير ابتداء باعتبار أنه ذكر كلاما هو سبب للتحرير في ملكه وهو البنوة فيصير محررا (به) ابتداء مجازا، ولهذا لا تصير الام أم ولد له لأنه ليس لتحرير الغلام ابتداء تأثير في إيجاب أمية الولد (لامه) ولأنه لا يملك إيجاب ذلك الحق لها بعبارته على الحقيقة ابتداء بل بفعل هو استيلاد، ولهذا قال في كتاب الدعوى: لو ورث رجلان مملوكا ثم ادعى أحدهما أنه ابنه يصير ضامنا لشريكه قيمة نصيبه إذا كان موسرا باعتبار أن ذلك كالتحرير المبتدأ منه، وعلى الطريق الآخر يجعل هذا إقرارا منه بالحرية مجازا كأنه قال عتق علي من حين ملكته فإن ما صرح به وهو البنوة سبب لذلك وهنا هو الأصح، فقد قال في كتاب الاكراه إذا أكره على أن يقول هذا ابني لا يعتق عليه، والاكراه إنما يمنع صحة الاقرار بالعتق لا صحة التحرير ابتداء، ووجوب الضمان في مسألة الدعوى بهذا الطريق أيضا فإنه لو قال عتق علي من حين ملكته كان ضامنا لشريكه أيضا، وعلى هذا الطريق نقول: الجارية تصير أم ولد له لان كلامه كما جعل إقرارا بالحرية للولد جعل إقرارا بأمية الولد للام، فإن ما تكلم به سبب موجب هذا الحق لها في ملكه كما هو موجب حقيقة الحرية للولد، وبهذا الطريق في معروف النسب يثبت العتق لا بالطريق
(١٨٦)