بل بوصف له أثر في ذلك الحكم، لأنه لو جوز التعليل بكل وصف انعدم معنى الابتلاء أصلا، فكذلك ههنا لو صححنا الاستعارة للمناسبة في أي معنى كان ارتفع معنى الامتحان واستوى العالم والجاهل، فعرفنا أنه إنما تعتبر المناسبة في الوصف الخاص ولا مناسبة هنا في الوصف الذي لأجله وضع كل واحد منهما في الأصل، فالطلاق موضوع للاطلاق برفع المانع من الانطلاق لا بإحداث قوة الانطلاق في الذات، ومنه إطلاق الإبل وإطلاق الأسير والعتاق لاحداث معنى في الذات يوجب القوة، من قول القائل: عتق الفرخ إذا قوي حتى طار، وفي ملك اليمين المملوك عاجز عن الانطلاق لضعف في ذاته وهو أنه صار رقيقا مملوكا مقهورا محتاجا إلى إحداث قوة فيه يصير بها مالكا مستوليا مستبدا بالتصرف، والمنكوحة مالكة أمر نفسها ولكنها محبوسة عند الزوج بالملك الذي له عليها فحاجتها إلى رفع المانع وذلك يكون بالطلاق كما يكون برفع القيد عن الأسير وبحل العقال عن البعير، ولا مناسبة بين رفع المانع وبين إحداث القوة، كما لا مناسبة بين رفع القيد وبين البرء من المرض، فعرفنا أنه لا وجه للاستعارة بطريق المناسبة بينهما في المعنى ولكن بالاتصال من حيث السببية والحكم، وقد بينا أن ذلك صالح من أحد الجانبين دون الجانب الآخر.
فإن قيل: عندكم الإجازة لا تنعقد بلفظ البيع نص عليه في كتاب الصلح حيث قال: بيع السكنى باطل، فالبيع سبب لملك الرقبة وملك الرقبة سبب لملك المنفعة.
ثم لم تصح الاستعارة بهذا الطريق عندكم مجازا، وعلى عكس هذا إذا قال لغيره أعتق عبدك عني على ألف درهم فقال أعتقت يثبت التملك شراء بهذا الكلام والعتق ليس بسبب للشراء ثم كان عبارة عنه مجازا، وكذلك شراء القريب إعتاق عندكم والشراء ليس بسبب العتق ثم كان عبارة عنه. قلنا: أما استعمال لفظ البيع في الإجارة فإنما لا يجوز عندنا لانعدام المحل لا لانعدام الصلاحية للاستعارة، لأنه إن أضيف لفظ البيع إلى رقبة الدار والعبد فهو عامل بحقيقته في تمليك العين، وإن أضيف إلى