تعالى ﴿واسئل القرية﴾ (١) وهي ادعاء أن القضية بمرتبة من الوضوح يعرفه كل موجود حتى القرية التي من الجمادات فكيف ينكره العاقل الذي له شعور وإدراك لا تراها ولا تجدها إذا قيل واسأل أهل القرية كما لا يخفى.
وكذا ترى اللطافة والبلاغة في قول الفرزدق شاعر أهل البيت في مدح الإمام السجاد (عليه السلام) بقوله:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم إلى آخر أبياته الأنيفة، حيث يريد إثبات أنه (عليه السلام) بمرتبة من الشهرة والمعروفية بحيث يعرفه أرض البطحاء، وبيت الله الحرام، والحل والحرم، فكيف لا تعرفه أنت يا هشام؟!
وكذا في الاستعمالات التي يصرح فيها بنفي معنى وإثبات معنى آخر كقوله في قصة يوسف على نبينا وآله وعليه السلام: ﴿ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم﴾ (2) وكقولك لوجه حسن: ما هذا بشر بل هو بدر، إلى غير ذلك من الاستعمالات التي يعدونها استعمالات مجازية، ففي جميعها لم تستعمل الألفاظ إلا في معانيها الموضوع لها، ولكن مع ادعاء في البين وتطبيق المعنى الحقيقي على المدعى (3).
4 - وكان (قدس سره) يرى أن شرائط الخطابات القانونية مخالف لشرائط الخطابات الشخصية، وأنه لا يشترط في صحة توجه الخطاب القانوني انبعاث جميع آحاد المكلفين، وقدرتهم، بل إذا تمكنت وانبعثت جملة معتدة بهم، وكان لهم قدرة على الانبعاث يصلح توجه الخطاب القانوني، كما هو الشأن في جعل القوانين العالمية، ومن أجل ذلك أنكر (قدس سره) الخطاب الترتبي وأن الخطاب المهم لم يكن مشروطا بعصيان