بينما الأمر بالقيام لا يدل على النهي عن القعود هذا (1).
والجواب أنه لا وجه لهذا التفصيل إذ لا فرق في ذلك بين الضدين الذين لا ثالث لهما والضدين الذين لهما ثالث أما أولا فلأن الملازمة بين الحكمين ثبوتا غير معقولة لا قهرا ولا جعلا ولا فرق في ذلك بين أن يكونا بين الضدين الذين لهما ثالث والضدين الذين لا ثالث لهما وكذلك الحال في النقيضين والمتقابلين بتقابل العدم والملكة فإن الملازمة بين الحكمين فيهما قهرا غير معقولة في نفسها وأما جعلا فهي وإن كانت معقولة إلا أنها غير واقعة جزما بل وقوعها مستحيل لأنها لغو وجزاف فلا يمكن صدورها من المولى الحكيم.
وأما ثانيا فعلى تقدير تسليم إمكان وقوع هذه الملازمة جزما إلا أنه لا دليل على وقوعها في مقام الاثبات إلا دعوى أن الأمر المتعلق بأحد النقيضين أو المتقابلين يدل بالالتزام على حرمة الآخر ولكن هذه الدعوى لا أساس لها لأن تكوين الدلالة الالتزامية له يتوقف على ثبوت الملازمة بينه وبين حرمة الآخر بنحو اللزوم البين بالمعنى الأخص والفرض أنه لا ملازمة بينهما كذلك عرفا لوضوح أن الفرق لا يفهم من الأمر بالصلاة مثلا إلا وجوبها فحسب لا حكمان أحدهما وجوبها بالمطابقة والآخر حرمة تركها بالالتزام ضرورة أنه لا يتبادر منه في ذهنه إلا الوجوب فقط فإذن كيف يمكن دعوى الدلالة الالتزامية له مع أن تكوينها يتوقف على اللزوم البين بالمعنى الأخص والغرض أنه لا ملازمة بينهما في المقام فضلا عن كونها بنحو البين بالمعنى الأخص.
هذا إضافة إلى أنا لو قلنا بالدلالة الالتزامية في المقام فلا فرق بين الضدين الذين لا ثالث لهما والضدين الذين لهما ثالث غاية الأمر أن في