وجود الآخر بل بينهما تمانع وتضاد في مرتبة واحدة في دار الوجود وعلى ضوء هذه النقاط الثلاث للفرق بين المانع الذي يكون عدمه من أجزاء العلة التامة وبين مانعية أحد الضدين عن وجود الضد الآخر وبالعكس تبين أن ما ذكره السيد الأستاذ (قدس سره) من البرهان النقضي مبني على الخلط بين المانع بمعنى التمانع والتضاد في عالم الوجود الخارجي فقط بدون أي تقدم أو تأخر رتبي في البين وبين المانع الذي يكون عدمه من أجزاء العلة التامة فإنه لا يتصور فيه التمانع بينه وبين الممنوع بداهة أن المانع لا يعقل أن يكون ممنوعا وإلا لزم تقدم الشئ على نفسه وهو مستحيل كما أن الممنوع لا يعقل أن يكون مانعا.
فالنتيجة في نهاية المطاف أن ما ذكره السيد الأستاذ (قدس سره) من البرهان النقضي لا يتم ومن هنا يظهر أن ما ذكره المحقق النائيني (قدس سره) من استحالة استناد عدم الضد إلى وجود ضده بل هو مستند إلى عدم وجود المقتضي له قابل للنقد من جهة وصحيح من جهة أخرى أما من الجهة الأولى فما ذكره (قدس سره) من أن عدم الضد عند وجود الضد الآخر مستندا إلى عدم مقتضيه معللا بأن اقتضاء المحال محال غير تام إذ لا مانع من ثبوته في مرتبة الاقتضاء ولا يلزم منه اقتضاء المحال لكي يقال أنه محال لما تقدم من أن ذلك إنما هو في أحد الموردين الذين قد سبقت الإشارة إلى كليهما معا والمقام غير داخل في شئ منهما فلا مانع حينئذ من ثبوت المقتضي لكل من الضدين في نفسه وبقطع النظر عن الآخر ولا استحالة فيه بل هو من موافق للوجدان.
وأما من الجهة الثانية فقد عرفت أنه لا يمكن أن يكون عدم وجود الضد مستندا إلى وجود الآخر مع ثبوت مقتضيه وتوفر شروطه الذي هو متمم لفعلية فاعليته بل لا محالة يكون مستندا أما إلى انتفاء الشرط مع ثبوت المقتضي له في نفسه أو إلى عدم ثبوت المقتضي له كذلك.