الثانية: أن الملازمة في مرحلة المبادئ ثابتة وجدانا بين إرادة ذي المقدمة وإرادة مقدمته فإنها تترشح من إرادة ذيها وتتولد منها بصورة قهرية كتولد المعلول عن العلة التامة وكذلك الحال بين محبوبية ذي المقدمة ومحبوبية مقدمته وهذا أمر وجداني لا برهاني وأما الملازمة في مرحلة الجعل والاعتبار بين وجوب ذي المقدمة ووجوب مقدمته فهي غير ثابتة فإنها بمعنى ترشح وجوب المقدمة عن وجوب ذيها غير معقولة وبمعنى جعل وجوب المقدمة تبعا لجعل وجوب ذيها وإن كانت ممكنة ثبوتا إلا أنه لا يمكن إثباته كما مر.
الثالثة: أن الغرض من إيجاب المقدمة ليس ترتب تمكن المكلف من إيجاد ذيها على وجودها في الخارج كما ذهب إليه صاحب الكفاية (قدس سره) لأنه مترتب على التمكن من الاتيان بالمقدمة لا على وجودها فيه كما أن القول بأن وجوب المقدمة مشروط بالعزم وإرادة الاتيان بذي المقدمة لا يرجع إلى معنى صحيح (1).
الرابعة: أن ما نسب إلى شيخنا الأنصاري (قدس سره) من أن قصد التوصل مأخوذ في المقدمة لا يمكن المساعدة عليه لأن أخذ شئ قيدا فيها لا يمكن أن يكون جزافا بل لابد أن يكون دخيلا في الغرض والمفروض أن قصد التوصل غير دخيل فيه كما تقدم وعليه فلا موجب لأخذه في المقدمة.
الخامسة: أن عبارة التقريرات للشيخ (قدس سره) حيث إنها مشوشة فلهذا قد فسرت بعدة تفاسير منها ما عن المحقق الأصفهاني (قدس سره) من أن مقصود الشيخ (رحمه الله) من اعتبار قصد التوصل في وجوب المقدمة أنه جهة تعليلية لوجوبها والجهة التعليلية في الأحكام الشرعية فإنها غير الجهة التقييدية وعلى هذا فحيث أن قصد التوصل جهة تعليلية للحكم العقلي فهو الموضوع له في الحقيقة.