الأولية بقانون أن كل ما بالغير لابد وأن ينتهي إلى ما بالذات. وبعد ذلك نقول أنه يمكن المناقشة فيه من وجوه:
المناقشة الأول: أن معنى أن الجهات التعليلية ترجع إلى الجهات التقييدية في الأحكام العقلية هو أن كل ما بالغير لابد وأن ينتهي إلى ما بالذات فحكم العقل بحسن الضرب للتأديب يرجع لبا وحقيقة إلى حكمه بحسن التأديب مباشرة مع أنه كان في القضية العقلية جهة تعليلية كما أن حكمة بحسن التأديب يرجع في الحقيقة ونهاية المطاف إلى حسن العدل ذاتا كما أن حكم العقل بقبح الضرب للإيذاء يرجع في الحقيقة إلى حكمه بقبح الإيذاء مباشرة بقانون أن ما بالغير لابد أن ينتهي إلى ما بالذات ومن هنا لا يقف حكم العقل بقبح الإيذاء بل ينتهي في نهاية المطاف إلى قبح الظلم وهو ذاتي.
فالنتيجة أن جميع القضايا التي يحكم العقل بالحسن والقبح فيها ترجع في الحقيقة إلى قضيتين فطريتين هما قضية حسن العدل وقبح الظلم.
بل إن هذه القاعدة الأولية وهي أن كلما بالغير لابد أن ينتهي إلى ما بالذات تشمل الأحكام الشرعية أيضا بحسب مقام الثبوت والواقع فإن الجهات التعليلية فيها ترجع لبا وحقيقة في هذا المقام إلى الجهات التقييدية ضرورة أن مطلوبية الواجبات الشرعية كالصلاة ونحوها تنتهي في نهاية المطاف إلى مطلوبية الملاكات الواقعية في مرحلة المبادئ بقانون أن ما بالغير لابد أن ينتهي إلى ما بالذات وحيث أن المطلوب بالذات هو الملاكات الواقعية المترتبة عليها فلا محالة تنتهي مطلوبيتها إليها نعم الجهات التعليلية للأحكام الشرعية في مقام الاثبات غير الجهات التقييدية فيها.
فالنتيجة أنه لا فرق في رجوع الجهات التعليلية إلى الجهات التقييدية ثبوتا بين الأحكام العقلية والأحكام الشرعية على أساس أن ما كان بالغير لابد