استحالتها بالذات فلا يصل الدور إلى تعليلها بأمر عرضي وهو لزوم اجتماع المثلين لو قلنا بوجوب المقدمة، وأما لو لم نقل بوجوبها فلا محذور، أو فقل أن التعليل بالأمر العرضي يدل بنفسه على أنه لا محذور ذاتا.
وثانيا: مع الاغماض عن ذلك وتسليم إمكان مقدميتها، فما ذكره (قدس سره) من أنها تستلزم اجتماع المثلين وهو محال، فلا يمكن المساعدة عليه، وذلك لما ذكرناه في محله من أن استحالة اجتماع المثلين أو الضدين إنما هي في الأمور التكوينية الخارجية، وأما في الأمور الاعتبارية التي لا واقع موضوعي لها خارجا غير اعتبار المعتبر، فلا موضوع لاجتماع المثلين أو الضدين فيها، وعلى هذا فاجتماع وجوبين نفسين في شئ واحد وإن كان يستلزم اجتماع ملاكين فيه، إلا أنهما لما كانا من سنخ واحد، فيندك أحدهما في الآخر فيصبحان ملاكا واحدا أقوى وآكد، فلذلك لا مانع من اجتماعهما على شئ واحد لا في مرحلة الاعتبار والجعل ولا في مرحلة المبادئ، ولا في مرحلة الامتثال.
ومع الاغماض عن ذلك وتسليم أن اجتماعهما على شئ واحد لا يمكن، على أساس استحالة اجتماع ملاكين فيه، إلا أنه لا مانع من اجتماع الوجوب النفسي مع الوجوب الغيري في شئ واحد، على أساس أن اجتماعهما فيه لا يستلزم اجتماع ملاكين فيه، لأن الوجوب النفسي ناشئ من ملاك قائم في متعلقه، وأما الوجوب الغيري فهو ناشئ من ملاك قائم بشئ آخر غير متعلقه، مثلا وجوب صلاة الظهر النفسي ناشئ من ملاك قائم بها، وأما وجوبها الغيري فهو ناشئ من ملاك قائم بصلاة العصر، فاجتماعهما فيها لا يستلزم اجتماع ملاكين فيها.
الأمر الثاني: ما ذكره المحقق العراقي (قدس سره) من أن الثمرة تظهر بين القول