إنما أفادها المتكلم بها لأجل الإفادة والإفهام، فلا بد وأن تكون ظواهرها - مع كونها غير مفيدة للعلم - قابلة للإفادة والإفهام، فتكون هذه الظواهر بين المتكلم والمخاطب مفروغة الحجية، ولا تكون حجيتها إلا للسيرة العقلائية على الأخذ بالظواهر، والمتكلم - جل وعلا - اتكل على هذه السيرة العقلائية، لاعلى أن هذا الكلام لا يشمل نفسه لأجل لزوم المحال، فإنه خارج عن المتفاهم العرفي والطريقة العقلائية في الإفادة والإفهام، فإذا كان الاتكال في الإفهام على السيرة مع عدم إفادة العلم، يعلم بإلقاء الخصوصية أن الآية غير رادعة لما قامت به السيرة العقلائية، سواء كانت من قبيل الظواهر، أو من قبيل خبر الثقة.
وبالجملة: لا تصلح تلك الآيات للرادعية.
ثم إن هاهنا كلاما من بعض أعاظم العصر رحمه الله - على ما في تقريرات بحثه -: وهو أنه لا يحتاج في اعتبار الطريقة العقلائية إلى إمضاء صاحب الشرع لها والتصريح باعتبارها، بل يكفي عدم الردع عنها، فإن عدم الردع عنها مع التمكن منه، يلازم الرضا بها وإن لم يصرح بالإمضاء.
نعم، لا يبعد الحاجة إلى الإمضاء في باب المعاملات، لأنها من الأمور الاعتبارية التي يتوقف صحتها على اعتبارها، ولو كان المعتبر غير الشارع فلابد من إمضاء ذلك ولو بالعموم والإطلاق.
وتظهر الثمرة في المعاملات المستحدثة التي لم تكن في زمان الشارع، كالمعاملات المعروفة في هذا الزمان ب (البيمة) فإنها إذا لم تندرج في عموم