وتواترها إجمالا - لا تدل على جعل الحجية والطريقية والوسطية في الإثبات للخبر الواحد (1) نعم يظهر من مجموعها أن حجيته كانت مفروغا عنها بين الراوي والمروي عنه.
ومدعي القطع بأن الشارع لم يكن في مقام تأسيس الحجية للخبر في مقابل بناء العقلاء بل كان النبي - صلى الله عليه وآله - والأئمة - عليهم السلام - يتعاملون معه معاملة سائر العقلاء، ويعملون به عملهم ليس بمجازف.
ولما كان بناء العقلاء على العمل به مسلما مرتكزا في أذهانهم، كانت الأدلة [المستدل بها] على حجيته من الكتاب والسثنة - على فرض دلالتها - محمولة على الأمر العقلائي والإمضاء لطريقتهم، لاعلى تأسيس الحجية وجعل الطريقية والمحرزية والكاشفية، كما تمور به الألسن مورا.
وأما ما أفاد المحقق الخراساني - رحمه الله - وتبعه شيخنا الأستاذ (2) - طاب ثراه - من أن الأخبار الدالة على حجية الخبر متواترة إجمالا، فيؤخذ بأخصها مضمونا، ويتعدى ببركته إلى الأعم منه (3).
فالظاهر أنه - بعد تسليم التواتر - مجرد فرض، وإلا فلا أظن أن يكون في (1) لكن لو لم يستلزم منها وجوب العمل أو جعل الحجية وأمثالها، يشكل التمسك بها لكشف حال السيرة، لعدم الكشف القطعي، وهو واضح، وعدم كون ذلك حكما عمليا، فلا معنى للتعبد به.
وكيف كان، فالخطب سهل بعد إحراز بناء العقلاء في محيط الاحتجاج بالعمل بكل خبر من الثقة. ومع إنكار بنانهم فالرواية تدل على التشريع ولزوم العمل على قوله، وما ذكرنا - من عدم الدلالة على التأسيس - لأجل إحراز بناء العقلاء، فتدبر. [منه قدس سره] (2) درر الفوائد 2: 57.
(3) الكفاية 2: 97. (*)