وتوجه إلى المكلفين لغرض انبعاثهم نحو المأمور به ولتحريكها إياهم نحوه، ولا إشكال في أن التكليف والخطاب بحسب وجوده الواقعي لا يمكن أن يكون باعثا وزاجرا، لامتناع محركية المجهول، وهذا واضح جدا.
فالتكاليف إنما تتعلق بالعناوين وتتوجه إلى المكلفين لكي يعلموا فيعملوا، فالعلم شرط عقلي للباعثية والتحريك، فلما كان انبعاث الجاهل غير ممكن فلا محالة تكون الإرادة قاصرة عن شمول الجاهلين، فتصير الخطابات بالنسبة إليهم أحكاما إنشائية.
وإن شئت قلت: إن لفعلية التكليف مرتبتين:
إحداهما: الفعلية التي هي قبل العلم، وهي بمعنى تمامية الجهات التي من قبل المولى، وإنما النقصان في الجهات التي من قبل المكلف، فإذا ارتفعت الموانع التي من قبل العبد يصير التكليف تام الفعلية، وتنجز عليه.
وثانيتهما: الفعلية التي هي بعد العلم وبعد رفع سائر الموانع التي تكون من قبل العبد، وهو التكليف الفعلي التام المنجز.
إذا عرفت ما ذكرنا من المقدمات سهل لك سبيل الجمع بين الأحكام الواقعية والظاهرية، فإنه لابد من الالتزام بأن التكاليف الواقعية مطلقا - سواء كانت في موارد قيام الطرق والأمارات، أو في موارد الأصول مطلقا - فعلية بمعناها الذي قبل تعلق العلم، ولا إشكال في أن البعث والزجر الفعليين غير محققين في موارد الجهل بها، لامتناع البعث والتحريك الفعليين بالنسبة إلى القاصرين، فالتكاليف بحقائقها الإنشائية والفعلية التي من قبل المولى - بالمعنى