تفكيكه في التفصي عن الإشكال بين موارد قيام الطرق والأمارات وبين الأصول المحرزة وبين الأصول الغير المحرزة، فقال في موارد تخلف الأمارات ما حاصله: إن المجعول فيها ليس حكما تكليفيا، حتى يتوهم التضاد بينها وبين الواقعيات، بل الحق أن المجعول فيها هو الحجية والطريقية، وهما من الأحكام الوضعية المتأصلة في الجعل، خلافا للشيخ - قدس سره - حيث ذهب إلى أن الأحكام الوضعية كلها منتزعة من الأحكام التكليفية (1).
والانصاف عدم تصور انتزاع بعض الأحكام الوضعية من الأحكام التكليفية، مثل الزوجية، فإنها وضعية ويستتبعها جملة من الأحكام، كوجوب الإنفاق على الزوجة، وحرمة تزويج الغير لها، وحرمة ترك وطئها أكثر من أربعة أشهر... إلى غير ذلك، وقد يتخلف بعضها مع بقاء الزوجية، فأي حكم تكليفي يمكن انتزاع الزوجية منه؟! وأي جامع بين هذه الأحكام التكليفية ليكون منشأ لانتزاع الزوجية؟! فلا محيص في أمثالها عن القول بتأصل الجعل، ومنها الطريقية والوسطية في الإثبات، فإنها متأصلة بالجعل ولو إمضاء، لما تقدمت الإشارة إليه من كون الطرق التي بأيدينا عقلائية يعتمد عليها العقلاء في مقاصدهم، بل هي عندهم كالعلم لا يعتنون باحتمال مخالفتها للواقع، فنفس الحجية والوسطية في الإثبات أمر عقلائي قابل بنفسه للاعتبار من دون أن يكون هناك حكم تكليفي منشأ لانتزاعه.
إذا عرفت حقيقة المجعول فيها ظهر لك أنه ليس فيها حكم حتى ينافي