اليقين والإحراز، فلا يمكن مثل هذا الجعل في جميع الأطراف، للعلم بانتقاض الحالة السابقة في بعضها، وانقلاب الإحراز السابق الذي كان في جميع الأطراف إلى إحراز آخر يضاده، ومعه كيف يمكن الحكم ببقاء الإحراز السابق في جميع الأطراف ولو تعبدا؟! فإن الإحراز التعبدي لا يجتمع مع الإحراز الوجداني بالخلاف (1) انتهى.
وفيه:
أولا: أن مفاد قوله: (لا تنقض اليقين بالشك) هو عدم النقض العملي، أي ترتيب آثار الواقع في زمان الشك عملا، والجري العملي على طبق اليقين السابق، بلا تعرض للبناء على أنه هو الواقع، فليس للكبرى المجعولة في الاستصحاب إلا مفاد واحد، وهو إما إبقاء اليقين وإطالة عمره تعبدا، وإما البناء العملي على بقاء اليقين السابق، وليس معناه إلا العمل على طبق الحالة السابقة أو اليقين السابق والجري العملي على طبقه، وأما التعرض للبناء على أنه هو الواقع فليس في أدلته ما يستشم منه ذلك أصلا. نعم إنه دائر على ألسنة أهل العلم من غير دليل يدل عليه.
فتحصل من ذلك: أن الاستصحاب أصل عملي مفاده الجري العملي على طبق الحالة السابقة.
وأما تقدمه على بعض الأصول العملية - كأصالة الحل والبراءة والطهارة - فلا يتوقف على كونه من الأصول المحرزة التنزيلية، كما سيأتي في