الثالث: أنه للمعاني المنشأة بالألفاظ إضافات كلها من الأمور الاعتبارية التي لا وعاء لها إلا في ظرف الاعتبار. مثلا: للوجوب إضافة إلى الأمر إضافة صدورية، وإضافة إلى المأمور إضافة انبعاثية، وإضافة إلى الأمر إضافة منشئية وإضافة إلى المتعلق إضافة تعلقية أولية، وإضافة إلى الموضوع إضافة تعلقية ثانوية تبعية، وكل هذه الإضافات تعتبر من نفس الإنشاء الخاص المتخصص بالخصوصيات، ولا وجود لشئ منها في الخارج.
ومن ذلك يعلم أن نحو تعلق الوجوب وغيره بالمتعلق والموضوع ليس نحو تعلق الأعراض بالموضوعات، ولا قيام للمعاني المنشآة بالموضوعات والمتعلقات قيام حلول وعروض، بل قيامها كنفسها من الاعتباريات التي لاتحقق لها في الخارج.
إذا عرفت ما ذكرنا فاعلم: أن المعروف المرسل على ألسنة الأصحاب إرسال المسلمات: أن الأحكام الخمسة بأسرها متضادة (1) يمتنع اجتماعها في موضوع واحد، والظاهر المصرح به في كلام كثير من المحققين (2) أن المراد بالأحكام هي الأحكام البعثية والزجرية وغيرهما المنشأة بالألفاظ الإنشائية وغيرها من أداة الإنشاء، كما يظهر من تتبع أقوالهم فيما نحن فيه وأبواب اجتماع الأمر والنهي والترتب والجمع بين الأحكام الواقعية والظاهرية وغيرها.
وهذا مما لا أساس له، لعدم صدق تعريف الضد عليها، فإن الضدين هما