يكون مورده، فإن الظاهر من الكبرى الكلية المجعولة فيه - وهي قوله:
(لا ينقض اليقين بالشك) (1) - ليس حفظ الشك والحكم على الشك أو الشاك، بل العناية ببقاء اليقين السابق وعدم نقضه وإطالة عمره في عالم التشريع وإن كان زائلا تكوينا.
بل يمكن أن يقال: إن أخذ الشك موضوعا في الاستصحاب غير معقول، للزوم التناقض في عالم التشريع، فإن الحكم بعدم نقض اليقين بالشك أو عدم دخول الشك في اليقين هو اعتبار بقاء اليقين وحفظه وإطالة عمره في عالم التشريع، ولازمه إزالة الشك وإقامة اليقين مقامه، وإبطاله وإبقاء اليقين، فلو اخذ الشك في موضوع الاستصحاب للزم اعتبار بقائه وحفظه، والجمع بين الاعتبارين تناقض.
إن قلت: ظاهر ذيل الصحيحة الثالثة لزرارة هو البناء العملي الذي هو شأن الأصل، فإن قوله: (لكنه ينقض الشك باليقين ويتم على اليقين، فيبني عليه) (2) ظاهر في البناء العملي.
قلت: كلا، فإن قوله: (يبني عليه) أي يبني على وجود اليقين، بل هذه الصحيحة من أقوى الشواهد وأتم الدلائل على ما ادعيناه، فإن قوله: (لكنه ينقض الشك باليقين) هو اعتبار بقاء اليقين وإزالة الشك تشريعا، وقوله:
(ويتم على اليقين...) إلى آخرها تأكيد له.