لا وجود لها. فالأعدام والاعتباريات التي ليس لها وجود إلا في وعاء الاعتبار لا ضدية بينها، كما أنه لا ضدية بين أشياء لا حلول لها في موضوع، ولا قيام لها به قيام حلول وعروض.
الثاني: أن الإنشائيات مطلقا من الأمور الاعتبارية التي لاتحقق لها إلا في وعاء الاعتبار، ولا وجود أصيل حقيقي لها، فقولهم: إن الإنشاء قول قصد به ثبوت المعنى في نفس الأمر (1) يراد به أن نفس الإنشاء يكون منشأ لانتزاع المنشأ وثبوته في وعاء الاعتبار، بحيث تكون الألفاظ التي بها يقع الإنشاء - كالأمر والنهي وغيرهما - مصاديق ذاتية للفظ، وعرضية للمعنى المنشأ، لا أنها علل للمعاني المنشأة، فإن العلية والمعلولية الحقيقيتين لاتعقل بينها، ضرورة أن منشئية الإنشاء للمنشأ إنما هي بالجعل والمواضعة، ولاتعقل العلية والمعلولية بين الأمور الاختراعية الوضعية، فليس للمعنى المنشأ وجود أصيل، وإنما هو أمر اعتباري من نفس الإنشاء.
فهيئة الأمر وضعت لتستعمل في البعث والتحريك الاعتباريين، لا بمعنى استعمالها في شئ يكون ثابتا في وعائه، بل بمعنى استعمالها استعمالا إيجاديا تحققيا، لا كتحقق المعلول بالعلة، حتى يكون المعلول موجودا أصيلا، بل كتحقق الأمر الاعتباري بمنشأ اعتباره.
فتحصل من ذلك: أن الإنشائيات مطلقا - وفيها الأحكام الخمسة التكليفية - لا وجود حقيقي لها، بل هي أمور اعتبارية وعاء تحققها عالم الاعتبار.