«خامسها: في بيان أن الحجة في معرفة الأحكام الشرعية في زمن الغيبة وانسداد باب العلم بالأحكام الواقعية، هل هي ظن المجتهد مطلقا من أي طريق حصل - إلا ما قام الدليل على عدم جواز الأخذ به بخصوصه - من غير فرق بين الطرق المفيدة للظن، أو أن هناك طرقا مخصوصة هي الحجة دون غيرها، فيجب على المجتهد الأخذ بها دون ما عداها من الظنون الحاصلة من الطرق التي لم يقم على جواز الأخذ بها بخصوصها حجة؟ وهذه المسألة وإن لم تكن معنونة في كتب الأصول، ولا تعرض لبيانها أحد من علماء المعقول والمنقول، إلا أنه لا بد من بنائهم فيها على أحد الوجهين، واختيارهم لأحد المسلكين» (1).
وذكر بعد ذلك كيفية استعلام مذهبهم، واستظهر من كلام معظمهم البناء على الوجه الثاني (الظن الخاص) ونفى البعد عن دعوى الاتفاق عليه، وأتبع ذلك بذكر مطالب مهمة تسمع بعضها في المواضع المناسبة لها، واختار قيام الدليل القاطع على حجية الظنون الخاصة (الكتاب والسنة) واجتث أصل شجرة دليل الانسداد بإبطال أول مقدماته، أعني انسداد باب العلم، وأبان عن وجود الحجة القطعية على معظم الأحكام الشرعية، كما هو مفاد الوجه الثامن.
وبعد التنزل عنه، ذكر وجوها سبعة استدل بها على أن المتبع الحجة الظنية من الكتاب والسنة، ويمر عليك بيانه مفصلا إن شاء الله.
وقصدي الآن بيان أن هذا الإمام من ألد أعداء القول بالظن المطلق، وما همه إلا إبطال هذا الدليل المعروف بدليل الانسداد، فكيف جاز لهؤلاء الأعلام أن يجعلوا الدليل الذي أقامه على إبطال هذا الدليل، وهدمه من أصله بيانا لنتيجة دليل الانسداد، ويذكر في عداد من يقول بصحته، ويعد قوله أحد الأقوال في نتيجته، ونزيد هذا الواضح بيانا، ونقول: