مر في تلك المسألة.
ويكفي للجواب هنا ما في الفصول من أن ترك جميع أفراد الغصب غير ممكن لوقوعه، والعقل والنقل يبينان زمن الخروج وقد مر بألفاظه فراجع.
وتخلف زمان باعثية النهي عن زمان المعصية غير عزيز، وظاهر من القاعدة التي ذكرها، والأمثلة التي مثل بها، فمن ترك المسير إلى الحج لا شك أن زمان سقوط النهي بمعنى عدم تأثيره في ذي القعدة مثلا، وزمان المعصية ذو الحجة، وهكذا، ولله تعبير الفصول عن هذا المعنى بقوله: «يجري عليه حكم المعصية» (1).
وأما قول المحقق الفاضل المقرر طاب ثراه: «وأما ما استند إليه في دفع ذلك من اختلاف الزمان، ففيه خبط ظاهر لا يليق بأهل النظر، فكيف بمن (2) هو بمنزلة ربهم» (3).
وإنما أقول: لو كان مراده هذا الذي فهمه من كلامه، وفهمه جميع من تعرض له، واعترض عليه فهو كما قال، وأنا أزيد عليه وأقول: لا يليق بصبيان الكتاب (4)، فكيف بمصنف مثل هذا الكتاب، لأنهم حملوا كلامه على أنه يقول في زمان التخلص هو حرام بالنهي السابق، وواجب بالأمر اللاحق فهو مأمور به، ومنهي عنه معا فيجب فعله وتركه، وجعلوه بمنزلة قول القائل: لا تهن زيدا في داري وأهنه حال خروجه. من غير أن يكون الأمر مقيدا للنهي ولا ناسخا له، وحاشاه وحاشا كل عالم، بل كل عاقل من هذا السخف.