لا أدري كيف ينافيه وقد كانت الحركات الخروجية مبغوضة محرمة قبل الدخول كالحركات الدخولية، وبعد حصول الشرط المحرم سقط النهي لمكان الضرورة، فكان زمان الخروج زمان معصية النهي، فيجري عليه حكمها، كما سبق بيانه، إذن فما قوله بعده: «فلو فرض أن شرب الخمر بالأمس كان حراما، لا وجه لإجراء حكمه في اليوم» (1).
سبحان الله، أين النهي الشامل لجميع الأزمنة، ثم رفع اليد في بعضها للضرورة من حرمة شرب الخمر بقيد الأمس؟ لا وزمام العلم، ما كنت أرضى لمثل هذا المحقق مثل هذا النقض مع هذا البعد الشاسع بين المقامين.
وهل سائل من هذا الفاضل أن مذهب الفصول لو كان اختصاص النهي بالزمان السابق فأين التناقض الذي يحاولون إلزامه به؟.
ولعمري صدور أمثال هذه الاعتراضات من هؤلاء الأماثل مما يوجب العجب.
وأعجب منه قوله بعد ذلك: «على أن استفادة الحكم المذكور من الدليل اللفظي الدال على حرمة الغصب لا يخلو عن إشكال، فإنه يدل بعمومه على تحريم جميع أفراد الغصب في مرتبة واحدة، وأما الترتيب المذكور فمما لا يعقل استفادته من الدليل المذكور» (2).
وكأنه كلام من لم ينظر عبارة الفصول، أو لم يطالعها بتمعن، لأنه قد أسلف الجواب عنه بقوله: «لا بد من ارتفاع النهي عن الغصب في تلك المدة، وليس إلا صورة الخروج لدلالة العقل والنقل على أنه مأمور بالخروج» (3).