وحيث إن الرابع كان مختار صاحب المعالم استدل على نفي الدلالة اللفظية بانتفاء الدلالات الثلاث، وعلى نفي الملازمة العقلية بعدم المانع العقلي من تصريح الآمر بذي المقدمة بعدم وجوب المقدمة (1)، فمختاره - كما نبه عليه - الجد - العلامة في الهداية - ملفق من أمرين هما: نفي الدلالة والملازمة، فاستدل على كل منهما بدليل، ولهذا اعترض على الفاضل المحشي في جعله كلا من الوجهين دليلا مستقلا (2).
هذا، وقال الشيخ الأستاذ - طاب ثراه - في الكفاية، ما نصه: «والكلام في استقلال العقل بالملازمة وعدمه، لا لفظية كما يظهر من مباحث المعالم، حيث استدل على النفي بانتفاء الدلالات الثلاث، مضافا إلى أنه ذكره في مباحث الألفاظ، ضرورة أنه إذا كان نفس الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته ثبوتا محل الإشكال، فلا مجال لتحرير النزاع في الإثبات، والدلالة عليها بإحدى الدلالات الثلاث كما لا يخفى» (3) انتهى.
وقد عرفت أن الدلالة اللفظية لا تتوقف على الملازمة العقلية، فلا موقع هنا للفظي الثبوت والإثبات.
وأما مؤاخذته بذكره في مباحث الألفاظ، فعلى فرض كون النزاع في الملازمة العقلية فقط، فإنه يكفي في ارتباط البحث بها كون الوجوب مدلولا للأمر كما نبه عليه العلامة - الجد - في الهداية (4، وكون الدال على الوجوب غالبا هو اللفظ، وقد ذكروا في مباحث الألفاظ ما هو مثله أو أبعد منه عنها كجواز اجتماع الأمر والنهي، وهذا المعترض قد تبعهم في ذلك.