علم منها أنه العذر وقت العمل فلا شك في الإجزاء، لأن المفروض أنها بدل عن تلك الأحكام، ولا معنى للجمع بين البدل والمبدل منه، ولا معنى لكفاية العذر حال العمل إلا تمامية في البدلية وقيامه مقامه، بل يستكشف من نفس جعلها كونها شاملة لجميع مراتب مصلحة المبدل منه أو نقصانها لكن لا بمرتبة يؤبه بها، ويلزم تداركها، وإن علم منها أنها العذر المستوعب فلا حكم حتى يبحث عن أجزائه، وعلى فرض عدم استفادة أحد الأمرين من الأدلة، وانتهاء النوبة إلى الأصل العملي، فلا شك أن الأصل عدم تلك الأحكام، فلا بد من إحراز تلك الأوامر أولا، ثم البحث عن إجزائها.
ومن هذا، يظهر لك الحال في إجزائها عن القضاء، بل قد يقال بأن الأمر فيه أوضح، لأن ما لا يجب إعادته لا يجب قضاؤه بطريق أولى، ولكن ليس الأمر بهذه المرتبة من الوضوح لأن القضاء ليس بالأمر الأول، بل هو أمر آخر، موضوعه فوت ما أمر به بأمر آخر، ولا شك في صدقه في هذا المقام، ضرورة عدم وصول المكلف إلى مصلحة الأمر الاختياري، ولا يتوقف صدق الفوت على وجود الأمر، بل يكفي فيه كون المكلف في معرض دركها، وكونه قادرا بعد ذلك على تداركها.
ويشهد بذلك عدهم الجنون والنوم والإغماء ونحوها من أسباب القضاء، بل يصدق ولو مع عدم قابلية الإنسان للامتثال حال الأمر، فلهذا وجب قضاء الصوم على الحائض، فمتى شك في الإجزاء فمقتضى أدلة القضاء وجوبه.
فالجواب عنه، أولا بأن من المحتمل اشتمال المأتي به على تمام مصلحة الواقعي الأولي كما مر في عداد الأقسام المتصورة، ومعه لا يعلم بفوت شيء أصلا.
وثانيا بأنه لا عموم لدليل القضاء، إذ الموجود في كتب الروايات ليس ما هو المشهور على الألسن من قولهم: اقض ما فات كما فات. بل الموجود فيها