قراه وسقى بصيب الغفران ثراه - من بطلان الوضوء وإن لم يكن المصب منحصرا في المغصوب إذا كان الوضوء علة للتصرف فيه، وذلك لأنه إذا فرض أن صب الماء يترتب عليه التصرف في المحل المغصوب قطعا بحيث لا يقدر بعد الصب على إيجاد المانع، فحرمة الغصب تقضي بحرمة الصب عينا لانحصار المقدمة المقدورة فيه، فلا يرد عليه ما قد توهم من أن الصب ليس بعلة تامة للحرام حتى تحرم، بل هو إحدى المقدمات.
هذا، وبما عرفناك من حرمة مقدمات الحرام تخييرا، يظهر لك عدم مزاحمة تلك الحرمة للوجوب العيني في بعضها إذا اقتضاه دليل من خارج، بل تقصر تلك الحرمة على غيرها من المقدمات بحكم العقل، لإمكان الجمع بين الأمرين، فلا يرفع اليد عن أحد الفرضين ولو كان أحدهما أهم من الآخر، لأن تقديم الأهم على المهم إنما يكون في صورة التزاحم المفقود في المقام.
نعم لو انحصرت المقدمة المقدورة لترك الواجب وقع التزاحم حينئذ، ووجب بحكم العقل تقديم الأهم كما ستطلع عليه في مسألة الضد إن شاء الله.
ولو كان الواجب أيضا تخييريا كمقدمات الحرام، فهل يمكن اجتماعهما ولو قلنا بعدم إمكان اجتماعهما في غير المقام، أم لا؟ قد يقال بالثاني، كما هو مقتضى جليل (1) النظر، لأن قضية كون الشيء من أطراف الوجوب أن يكون تركه مع ترك سائر الأطراف مبغوضا، وقضية كونه طرفا للحرام أن يكون تركه مع ترك بقية الأطراف محبوبا، فيلزم اجتماع الضدين.
ولكن دقيق النظر لا يحكم بذلك إذا فعله على تقدير قصد ترك غيره من بعض الأفراد، إذ لا مانع منه أصلا، ولا قبح فيه عقلا، إلا مع قصد التوصل به