الحج كيف يصح.. إلى آخره) (1)، وأن الأصل صحة المعاملة، فكيف حكمه (عليه السلام) بالفساد؟!
والإشكال الأول أيضا ليس بشئ، لأن الأب المعتق حج عن الميت باعتقاد كونه معتقا وأجيرا، كما هو الظاهر من الرواية، غاية الأمر أنه ظهر بعد ذلك كونه مملوكا حال الحج، ولا شك في أن حجه كان حلالا لا نهي فيه أصلا، لما ذكرنا، ولأن مولاه باعه ورخصه، غاية الأمر أنه ظهر بعد ذلك أن بيعه كان باطلا، فالعبادة الخالية عن النهي تكون صحيحة قطعا.
ولو كان أحد أجنبي تبرع عن الميت بالحج عنه لكان صحيحا ويبرئ (2) ذمة الميت البتة، كما حقق في محله، فهذا أولى، لأنه بحسب ظاهر اعتقاده أنه نائب وحج نيابة عنه ولم يظهر ما يفسد هذا الفعل.
نعم، لمولاه أجرة الحج التي أخذها، والعبد وما في يده لمولاه، وكذا ما أنفق في الحج، مع أنه ساكت عن الأجرة راض بما فعله وأخذه، إنما كلامه في مملوكيته لغيره وانتقاله إليه، كما هو الظاهر من الرواية.
وأما الحكم بفساد المعاملة، فلأن الذي يقتضي الحكم بصحتها - إذا نوزع في كونها صحيحة - حمل أفعال المسلم على الصحة، وهنا إن حملنا على الصحة يلزم أن يصير الأب مملوك الدافع ومعتقا، لأن العبد يدعي الصحة بهذا النحو، فلو كان من جهة كونه مسلما فعله محمولا على الصحيح يلزم ما ذكرناه، وإلا فلا دليل على صحة المعاملة عند النزاع سوى ما ذكرنا.
وهنا لا يمكن الحكم بصحة فعله من حيث كونه مسلما، لأنه محجور شرعا